المصادر المهملة للمرونة الاقتصادية «2 من 2»
شاين هي شركة تجزئة للأزياء السريعة على الإنترنت أُسست في نانجينج عام 2008 وتعد مثالا نموذجيا لمثل تلك الشركات، فقد بدأت كشركة للتجارة الإلكترونية عابرة الحدود، حيث كانت تبيع الملابس من خلال منصات مثل أمازون وإيباي، لكن عام 2014 أنشأت الشركة علامة تجارية خاصة بها، وأطلقت موقعا إلكترونيا وتطبيقا في الأسواق في جميع أرجاء العالم، وذلك من الولايات المتحدة وأوروبا إلى الشرق الأوسط والهند.
لقد ازدهرت "شاين" من خلال بيع ملابس رخيصة الثمن مباشرة إلى الزبائن ولم يمض وقت طويل حتى أصبحت ثاني أكثر المواقع التجارة الإلكترونية شعبية بالنسبة للشباب الأمريكيين بعد "أمازون" وطبقا لمؤشرات متصفح "جوجل"، فإن المستخدمين في الولايات المتحدة - السوق الأولى بالنسبة لـ "شاين" - يبحثون عن "شاين" أكثر بثلاثة أضعاف من بحثهم عن "زارا".
رغم أن قيمة "شاين" تقدر بمبلغ 15 مليار دولار، إلا أنها لم تكن معروفة في الصين حتى العام الماضي، وذلك عندما تم إدراجها كواحدة من شركات اليونيكورن العشر الكبرى في الصين - شركات اليونيكورن هي الشركات الخاصة التي تتجاوز قيمتها مليار دولار - وهذا بسبب أن "شاين" لا تخدم السوق الصينية وبدلا من ذلك، استفادت من مزايا الصين نتيجة لمبالغ ضخمة من الاستثمار الحكومي على مدار الـ 20 عاما الماضية لبناء سلسلة التوريد المرنة الخاصة بها التي تتركز في جوانجدونج، مركز التصنيع الأكثر تطورا في البلاد.
وبفضل سلسلة التوريد تلك، يقال إن "شاين" قادرة على أن تنتهي من المنتج وذلك من التصميم إلى الإنتاج خلال عشرة أيام. إن منافسيها في مجال الأزياء السريعة التي عادة ما يتم تصميم منتجاتهم في أوروبا ومن ثم يتم تصنيعها في جنوب شرقي آسيا والصين وإرسالها إلى المقار الرئيسة الأوروبية من أجل التخزين ومن ثم شحنها للأسواق العالمية، لا تستطيع وببساطة المواكبة علما أن "شاين" بدأت كذلك في بناء مخازن في بعض الأسواق الرئيسة.
إن "شاين" لا تعد حالة استثنائية، فالصين تفخر بوجود منصات تجارة إلكترونية عابرة للحدود أخرى في مجال الأزياء السريعة علما أنه يوجد في الصين حتى العام الماضي 251 من شركات اليونيكورن. إن القائمة تشمل تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، مثل تطبيق تيك توك الذي اجتاح العالم. تأثير شركات الإنترنت الصينية كبير ولا يزال ينمو في أسواق أوروبا وأمريكا وجنوب آسيا.
يعود الفضل جزئيا للحكومة الصينية، فبعد تفشي مرض سارز عام 2003، عملت الحكومة الصينية على دعم توسيع التجارة الإلكترونية، ولاحقا لذلك ومن أجل التعويض عن صدمة الأزمة المالية العالمية عام 2008، عملت الحكومة استثمارات مستمرة في شبكات الإنترنت والاتصالات والنقل وأنظمة الدفع باستخدام الهاتف النقال والقدرات اللوجستية والتخزين وسلاسل التوريد مع تشجيع الروابط بين القطاعات وتلك الجهود ساعدت على تقوية واستدامة مصادر المستوى الأساسي للاقتصاد والمتعلقة بالديناميكية المبتكرة.
في واقع الأمر يعاني الاقتصاد الصيني الضخم جدا وسريع النمو مشكلات هيكلية يبدو أنها لا تتوافق مع ديناميكيته الكامنة وهذا التناقض الواضح هو تذكير بتعقيدات الاقتصاد، فعلى سبيل المثال، نظرا لأن القطاع الذي تملكه الدولة يستحوذ على نصيب غير متناسب من الموارد المالية، فعادة ما يعد مصدرا لسوء تخصيص الموارد، لكن الدراسات الأخيرة وجدت أن الشركات التي تملكها الدولة قد تكون قد عملت كقناة غير رسمية للتخفيف من قيود التمويل للشركات صغيرة ومتوسطة الحجم.
أولئك الذين يركزون بشكل مفرط على الظواهر الموجودة على السطح سيستمرون في التقليل من شأن المرونة الاقتصادية الصينية. لا يمكن للمرء أن يفهم حقا الاقتصاد الصيني وآفاقه دون الالتفات إلى الديناميكية التي لا يمكن كبح جماحها التي تشكل قاعدته.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكت، 2021.