قمة العشرين من جائحة كورونا إلى أزمة الطاقة «2 من 2»

قد يساعد قرار الرئيس الصيني شي جين بينج بعدم حضور القمة. هذا التخلف ليس بلا سابقة: ففي عام 2009، رفض سلف شي جين بينج دعوة لحضور قمة أخرى استضافتها إيطاليا، قمة مجموعة الثماني في لاكويلا، حيث كان المفترض أن تشارك الصين باعتبارها ضيفا وليست ندا. لن يحضر الرئيس الروسي فلاديمير بوتن الجلسات في روما أيضا.
لكن في حين أن قرار الصين بعدم حضور قمة مجموعة العشرين قد يساعد على تسهيل التوصل إلى اتفاق، فإنه قرار مقلق للغاية. من الواضح أن شي جين بينج لم يعد يشعر بالارتياح إلى المشاركة في تجمع تعددي صغير نسبيا وغير منظم مثل مجموعة العشرين. إنه يفضل تفويت فرصة ثمينة للقاء زعماء العالم الآخرين، خاصة بايدن على المجازفة بالوقوع في كمين وعدم التعامل معه بالقدر الواجب من الاحترام. ويبدو أن ممارسات دونالد ترمب في تقريع الصين خلفت ندوبا عميقة.
في الواقع، تبدو الصين اليوم أقل اهتماما بالمشاركة التعددية في عموم الأمر. فقد اعتادت المشاركة بنشاط في المبادرات متعددة الأطراف، خاصة فيما يتعلق بالسياسة المالية والضريبية. لكن التعاون الآن بات صعبا خصوصا في هذه المجالات، وطوال فترة رئاسة إيطاليا لمجموعة العشرين كان من الواضح أن الصين تفتقر إلى الدافع للمحاولة.
هذه مشكلة بالغة الخطورة. فلن يتسنى لنا إنهاء جائحة مرض فيروس كورونا، أو معالجة أزمة المناخ المتصاعدة، أو تخفيف حالة الطوارئ المرتبطة بإمدادات الطاقة التي تهدد بعرقلة التعافي الاقتصادي العالمي في غياب الصين، تحديدا في غياب الصين التي تسهم بنشاط وإيجابية في مجموعة العشرين.
يتعين على القوى الأخرى في مجموعة العشرين أن تعمل على إقناع الصين بالعودة، مع تبني الولايات المتحدة خصوصا موقفا أكثر تصالحية. هذا لا يعني الإذعان لكل مصلحة أو تفضيل من جانب الصين. بل يعني استيعاب احتياجات الصين المتغيرة، حيثما أمكن، خاصة أنها تمر بتحول اقتصادي واجتماعي معقد وتدريجي. كما يعني إعطاء الصين الفضل متى كانت نسبة الفضل إليها مستحقة.
الواقع أن الصين بذلت بعض الجهود. كانت إحدى قصص نجاح رئاسة إيطاليا لمجموعة العشرين تأمين عضوية الصين في الإطار المشترك لمعالجات الديون، الذي أقر في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، لدعم الدول منخفضة الدخل المثقلة بديون غير قابلة للاستدامة. في الشهر الماضي، شكلت 12 دولة أول لجنة مشكلة من الدائنين التي تولت الصين رئاستها بالمشاركة، لإطلاق المفاوضات مع إثيوبيا، التي تقدمت إلى جانب تشاد وزامبيا بطلب لمعالجة الديون. أغلب ديون هذه الدول مستحقة لدائنين من القطاع الخاص أو دائنين صينيين.
يدل هذا على أن الصين على استعداد، إذا وجدت السياق المناسب والظروف الملائمة، للتنسيق مع دول أخرى بشأن قضايا بعينها. على سبيل المثال، الصين ليست عضوا في نادي باريس للدائنين السياديين، وهي عازفة عن الانضمام إلى مؤسسات قد تقلل من استقلاليتها في المفاوضات مع دول مجموعة السبع. الصين لديها أيضا مطالب محددة فيما يتصل بالشفافية والإفصاح. ويتعين على دول مجموعة العشرين الأخرى، بما في ذلك إندونيسيا، التي ستبدأ رئاستها للمجموعة العام المقبل، أن تضع هذا في الحسبان في محاولة إعادة الصين إلى الحظيرة.
أما عن إيطاليا، فقد أبلت بلاء حسنا خلال رئاستها لمجموعة العشرين، عندما قررت مواصلة التركيز على الأهداف المشتركة والحد من تأثير الجائحة في الإجراءات. كما حققت تقدما ملموسا في التعامل مع قضايا مثل التجارة المفتوحة، والمساعدات الدولية، والمساواة بين النوعين الاجتماعيين. والآن، مع اقتراب رئاستها من نهايتها، يتعين على دراجي أن يعمل على تعزيز هذه العلاقات الشخصية عظيمة الأهمية، خاصة على مأدبة العشاء الخاصة. وكما هي الحال في أي اجتماع للم الشمل، يجب أن ينتهي الحدث بالتقاط صورة عائلية للقادة الذين أسعدهم القيام بالرحلة.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2021.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي