«حوار المنامة» .. تجديد الالتزام الأمريكي بالعزيمة والتعاون

«حوار المنامة» .. تجديد الالتزام الأمريكي بالعزيمة والتعاون
الموضوع الأساسي للحوار يتمحور حول تعددية الأطراف في الشرق الأوسط.
«حوار المنامة» .. تجديد الالتزام الأمريكي بالعزيمة والتعاون

شهدت العاصمة البحرينية المنامة أعمال القمة الأمنية الإقليمية الـ17، التي سميت بـ"حوار المنامة" 2021 أخيرا، بحضور 300 شخصية يناقشون أمن المنطقة، منهم قادة وسياسيون وعسكريون وأكاديميون، يمثلون دولا من مختلف أنحاء العالم، إذ اجتمع وزراء دفاع ووزراء خارجية ومستشارو الأمن القومي ومخابرات كممثلين عن دولهم، إضافة إلى نخبة من الخبراء، أصحاب الرأي، ومجتمع الأعمال.
وألقى برابوو سوبيانتو وزير الدفاع الإندونيسي، الكلمة الافتتاحية، بتناول أجندة الدفاع الإندونيسية، عندما تتولى بلاده رئاسة مجموعة العشرين، إذ يعد الحوار فرصة مناسبة لاستعراض تعددية الأطراف وما تعنيه بالنسبة إلى المصالح والنفوذ والقيم في الشرق الأوسط، كما أنه منصة لانعقاد اجتماعات ثنائية أو متعددة الأطراف بين الدول بهدف دفع المبادرات السياسية، ومنذ 2004، تستضيف البحرين أعمال منتدى أو قمة حوار المنامة، بتنظيم مشترك بين وزارة الخارجية والمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية "آي آي إس إس"، الذي يتخذ من العاصمة البريطانية لندن مقرا له.
من أبرز المشاركين في الحوار لويد أوستن وزير الدفاع الأمريكي، الذي تناول سياسات الولايات المتحدة الأمريكية الدفاعية في المنطقة، إضافة إلى الأمير فيصل بن فرحان آل سعود وزير الخارجية السعودي، وعبداللطيف بن راشد الزياني وزير الخارجية البحريني، والشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان وزير الدولة للشؤون الخارجية والتعاون الدولي في الإمارات، وسامح شكري وزير الخارجية المصري، ونايف الحجرف الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وأيمن الصفدي وزير الخارجية والمغتربين الأردني.
ناقشت القمة لهذا العام خلال جلسات عامة، موضوعات مختلفة، أبرزها سياسة الدفاع الأمريكية في الشرق الأوسط، والخليج وآسيا، والدبلوماسية والردع، وتعددية الأطراف والأمن الإقليمي، كما تناقش أيضا قضايا إنهاء الصراعات في المنطقة، وديناميكية الأمن في البحر الأحمر، مع التركيز على موضوع الميليشيات، والصواريخ وانتشار الأسلحة النووية.
حوار المنامة يعد أقدم المنصات في الإقليم، ويأتي في ظل ظروف صعبة، فالمنطقة تشهد تحولات جذرية نحو إعادة بناء الاستراتيجيات الأمنية في الإقليم، والموضوع الأساسي لحوار المنامة لـ2021 يتمحور حول تعددية الأطراف في الشرق الأوسط، والغرض من القمة صد إيران، الذي يتطلب أكثر من التعاون العسكري التقليدي، خاصة أن طهران لا تسعى إلى مواجهة عسكرية تقليدية مع الولايات المتحدة، لأنها تدرك أنها ستخسر أي مواجهة من هذا النوع، خصوصا أن النظام الإيراني لجأ إلى تكتيكات ضغط ومحاولات زرع عقبات بين واشنطن وحلفائها عبر دعم وتسليح وتدريب الجماعات الإرهابية، وأنه لا يوجد حل عسكري لذلك، بل يجب العمل على حرمان إيران من فرصة الاختباء وراء وكلائها، وتعزيز الحكومات والقضاء على الفساد والطائفية وكل ما يرتبط بالنفوذ الإيراني.
الجلسة الأهم حملت عنوان "سياسات الولايات المتحدة الأمريكية الدفاعية في الشرق الأوسط"، التي أرسلت من خلالها رسائل "شديدة الأهمية" سواء إلى حلفاء واشنطن أو غيرهم من الدول في منطقة الشرق الأوسط، حيث وجه لويد أوستن وزير الدفاع الأمريكي، رسالة "تطمين إلى الحلفاء والشركاء في الشرق الأوسط"، مؤكدا "التزام واشنطن بمواجهة التهديدات الإيرانية"، كما ركز على ثلاث نقاط هي "العزيمة، والالتزام والتعاون"، من خلال حسم الجدل بشأن الاستثمار والالتزام الأمريكي في المنطقة، وأن إعادة توزيع بعض الأصول العسكرية "لا تعني تراجع الالتزام الأمريكي.
وطالب أوستن ميليشيا الحوثي بالتوقف عن الهجمات ضد السعودية، وإنهاء الحرب في اليمن، مفيدا بأن دول الشرق الأوسط تواجه خطر المسيرات الإيرانية بشكل يومي، مشددا على أن مواجهة خطر التهديدات التي تمثلها المسيرات الإيرانية من أولويات بلاده، مؤكدا أن إيران هي السبب الأول لعدم استقرار المنطقة، وأن عليها تقليل العنف والنزاعات فيها، مشددا على أهمية الحل الدبلوماسي كخيار أول لحل أزمة الملف النووي الإيراني، وأن جميع الخيارات مطروحة في حال رفضت طهران الخيار الدبلوماسي، خصوصا أن المخاوف مشتركة مع أطراف كثيرة فيما يتعلق بدعمها للإرهاب وبرامجها النووية، مع التأكيد على مسألة منع إيران امتلاك سلاح نووي، من خلال العمل على تعزيز مشاركة المعلومات ومساعدة الشركاء الخليجيين لمواجهة أخطار إيران ووكلائها في المنطقة.
كما تناول وزير الدفاع الأمريكي سياسة الدفاع الأمريكية في الشرق الأوسط، والدبلوماسية والردع، وتعددية الأطراف والأمن الإقليمي في إطار متحول، وإنهاء الصراعات في المنطقة، والميليشيات والصواريخ وانتشار الأسلحة النووية، موضحا أن "أمريكا وفرنسا والمملكة المتحدة والأردن أبرز الدول الحاضرة في المؤتمر"، مشيرا إلى أن "ممثلين رفيعي المستوى من إفريقيا وآسيا سيشاركون في قمة الأمن الإقليمي الـ17".
وتحتفظ واشنطن بعشرات الآلاف من قواتها في المنطقة، "وهذا يعكس حجم الشراكة الأمنية والاستراتيجية التي ظهرت بوضوح خلال عملية الإجلاء من أفغانستان"، وأهمية التعاون الأمني في مواجهة التهديدات الإيرانية، والخطر الذي لا يزال يمثله "داعش"، وكذلك أزمة اللاجئين وجائحة كورونا.
وفي سياق متصل، وبالتزامن مع حوار المنامة أعلن الحرس الثوري الإيراني، مصادرته سفينة أجنبية في الخليج وتوقيف طاقمها بتهمة تهريب الوقود، وعلق أحمد هاجيان القائد في الحرس الثوري، بحسب ما نقل الموقع الخاص بالتلفزيون الرسمي، "صادرت قواتنا البحرية سفينة أجنبية على متنها طاقم من 11 شخصا في مياهنا الإقليمية"، ولم يحدد تاريخ العملية، والعلم الذي ترفعه السفينة، وجنسية الطاقم، مضيفا "بعد التفتيش، ضبط أكثر من 150 ألف لتر من الديزل المهرب، ومثل أفراد الطاقم الـ11 الأجانب أمام المحكمة"، ويأتي الاحتجاز بعد سلسلة من الهجمات على سفن تجارية في مياه الخليج التي يستخرج ويمر عبرها جزء كبير من إنتاج النفط العالمي.
إلى ذلك، تعد واشنطن إيران تحديا لها في منطقة الشرق الأوسط، وسبق أن ذكرت على لسان سكوت باريار مدير استخباراتها العسكرية، أن إيران هي التحدي الأساسي لمصالح واشنطن في الشرق الأوسط، بسبب قدراتها العسكرية، إذ إن إيران مستعدة لاستخدام العنف ضد أمريكا عبر الوكلاء، كما ذكر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في تقرير مفصل له مخاطر تنامي ترسانة الصواريخ الإيرانية، ولا سيما الطائرات بدون طيار وصواريخ كروز، التي تشكل قوة مزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، موضحا أن أنظمة الصواريخ الباليستية الإيرانية، المكملة بصواريخ كروز والمسيرات ليست مخصصة للردع فحسب بل للمعارك أيضا، إضافة إلى تصدير طهران ما يقارب 20 نوعا من الصواريخ إلى وكلائها في المنطقة سواء في العراق أو اليمن، ولبنان، وسورية.

الأكثر قراءة