تسخير التكنولوجيات التحويلية وتحسين الخدمات «2 من 2»

يستلزم التحلي بروح الابتكار والتعاون وذلك من أجل اغتنام الفرص، فقد ولدت الاستجابة الجماعية في مواجهة الجائحة شراكات جديدة فيما بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني أتاحت تسريع الاستجابة للتصدي لأزمة كورونا وكانت بمنزلة حاضنة للابتكار والإبداع. على سبيل المثال، تقدم كلينيكاس دل أزوكار، وهي شركة خاصة، خدمات التداوي عن بعد، والخدمات العلاجية في العيادات الصحية لذوي الدخل المحدود كنافذة طبية واحدة لرعاية مرضى البول السكري وارتفاع ضغط الدم في أنحاء المكسيك، وتظهر كيف أن التكنولوجيا ساعدت على خفض تكلفة الرعاية بنسبة 60 في المائة مقارنة بنظام الرعاية الصحية العامة، ووفقت بين الربحية والتأثير الاجتماعي بدفع أموال إلى مؤسسات الأعمال التي تحقق نواتج مثبتة. وتستخدم البيانات والذكاء الاصطناعي في تصميم العلاج والرسائل وفقا لاحتياجات كل مريض.
وبالمثل، في بنجلادش، ساندت لجنة التقدم القروي (براك) - وهي منظمة غير حكومية - استجابة الحكومة للتصدي للجائحة بحشد الأطباء والكوادر الصحية التابعين لها، وتطوير منشأة للحجر الصحي للعمال المهاجرين العائدين، واستخدام الخدمات المالية عبر الهاتف المحمول في تجريب برنامج للتحويلات النقدية غير المشروطة، قامت الحكومة بعد ذلك بتوسيع نطاق تطبيقه ليصل إلى 20 مليون شخص.
وبشأن وضع الناس في صميم الجهود إلى التعويض عن الخسائر في رأس المال البشري، فإن التكنولوجيا وحدها ليست حلا كافيا لتحسين مستويات تقديم الخدمات، لكن يجب أن تصاحبها زيادة في مستويات الحصول المنصف على الخدمات، ولا سيما للفئات المهمشة من السكان، وكذلك التصاميم التي تركز على الناس لضمان فعاليتها. وثمة إمكانات هائلة في التكنولوجيا، لكن يجب علينا بث الثقة، ونحتاج إلى منظومة ابتكار تجمع كل الأطراف الفاعلة ليعملوا معا من أجل ابتكار الحلول وتنفيذها. فعلى سبيل المثال، وضعت كوريا نهجا ذا تقنية رفيعة ولمسة إنسانية عالية يجعل المعلمين في قلب عملية التعلم باستخدام التكنولوجيا كنظام دعم يتيح لهم زيادة التركيز على الاحتياجات الفردية للطلاب. وأدت الجائحة إلى ظهور عدد كبير من الابتكارات الثورية، والآن هو الوقت المناسب لتوسيع نطاق تطبيقها من أجل التحفيز على تحسين نواتج رأس المال البشري - والتغلب على أزمة التعلم التي تمخضت عن غياب الأطفال عن المدرسة، وتيسير الحصول على خدمات صحية محسنة وأكثر كفاءة، وتوسيع شبكات الأمان، وربط الناس بوظائف أفضل.
وحول الطريق إلى المستقبل ونجاحه فإن تسخير التكنولوجيا لمعالجة أزمة رأس المال البشري التي تؤثر في الأطفال وأسرهم ومجتمعاتهم سيتطلب سبلا جديدة للعمل معا.
وثمة أشكال من الاستثمارات يمكن أن نسترشد بها: الاستثمارات التأسيسية في البنية التحتية للتكنولوجيا، وجمع البيانات وإدارتها، ومنصات البيانات، والأمن السيبراني، وحوكمة البيانات، والاستثمارات الوظيفية التي تطبق التكنولوجيا لتوسيع نطاق تقديم الخدمات المؤثرة وتلبية متطلبات رأس المال البشري، والاستثمارات الرائدة في التكنولوجيات الجديدة والسياسات والعمليات الإبداعية المصاحبة للنهوض بالسبل الحالية للعمل وتحقيق نواتج أكثر كفاءة وفعالية لرأس المال البشري. ويمكننا معا التغلب على مخاطر هذه الجائحة، والحيلولة دون توارث النواتج الضعيفة لرأس المال البشري بين الأجيال من أجل رسم مستقبل أفضل لجميع الأطفال.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي