سخط الداخل يعزل ميليشيا الحوثي ويضربها في مقتل

سخط الداخل يعزل ميليشيا الحوثي ويضربها في مقتل
قوات الشرعية مستمرة بتوجيه ضرباتها الموجعة لميليشيا الحوثي.
سخط الداخل يعزل ميليشيا الحوثي ويضربها في مقتل
عزلة الميليشيا تتزايد داخليا وخارجيا.

يعد التنوع بأنواعه المختلفة الديني والعرقي والثقافي ميزة وإضافة في كل المجتمعات المتقدمة، فهو نعمة لها لا نقمة عليها، إذ يعد التنوع والاختلاف العنصر المكمل لصناعة مجتمع متكامل يتميز بالتناغم والتجانس، ويكون فيه الاختلاف ضرورة للبناء ومواكبة التطور، لكن هذا الكلام يصبح بلا أي قيمة عند الحديث عن جماعة الحوثي وميليشياتها المدعومة من النظام الإيراني، المعروف بنشر سياسة الكراهية والتفرقة في المنطقة، فهو نظام قادر على تحويل الذهب إلى تراب في الدول التي يتدخل في شؤونها، من خلال ما يمليه على أتباعه من أصحاب الولاءات الطائفية، ممن يفضلون مصالحهم الضيقة على المصلحة الوطنية.
يركز صانع سياسة الخراب الإيرانية على تغذية تقوية شخصية الجماعات المختلفة في المجتمع، مستغلا تمركز هذه الجماعات حول ذاتها، واتخاذها موقفا عدائيا من الجماعات الأخرى التي تعيش معها في المجتمع، محولا نعمة التحول إلى نقمة، طامسا هوية كل الفرق الأخرى، لعدم إيمانه بالتعددية، ويقينه بالإقصاء وإنكار الآخرين.
حزب الحق أو النواة السياسية الأولى للمكون الاثني عشري في اليمن، فشل بسبب اختطافه من قبل أبناء بدرالدين الحوثي، الذين اختطفوا اليمن فيما بعد، فوالدهم بدرالدين الحوثي عالم الدين بالمذهب الزيدي، لم يكن صاحب نفوذ في المذهب، لعدم حظوته بانتمائه إلى آل البيت المعروفين بالهواشم، وهو الشرط الرئيس لقيادة المذهب والتيار الزيدي، لكن حسين بدرالدين الحوثي الأخ الأكبر لعبد الملك بدر الدين الحوثي اختطف حزب الحق.
حارب حسين بدرالدين الحوثي نفوذ كبار قيادات التيار الزيدي وعلى رأسهم العالم نجم الدين المؤيدي صاحب الولاية بانتمائه إلى آل البيت، واستغل الشباب الزيدي المنتمي إلى حركة الشباب المؤمن المحسوبة على التيار، التي بلغ قوامها نحو 15 ألف عضو في ذلك الحين، محاربا بهم الدولة اليمنية، ليقضي على أحلامهم السياسية بعسكرتها، فلم يعد هنالك بريق لعزان محمد مؤسس حركة الشباب المؤمن أمام إغراءات الحوثي، التي سبق أن أسسها بالتعاون مع حسين بدرالدين الحوثي، القادم بأفكار الثورة الإيرانية والمحمل بأموال مخابراتها، والمرصوص بتعاليم المرشد الإيراني روح الله الخميني، بالخروج بالسلاح على الحاكم.
المال يعلو ولا يعلى عليه، هكذا اعتلى أبناء بدرالدين الحوثي التيار الزيدي في اليمن، منقلبين في البداية على مكونهم الأول، من خلال المال الإيراني، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة كان يعيشها الشعب اليمني عموما، ليستبيحوا البلاد والعباد، لكن هذه المرة بقوة السلاح، مغتصبين إرادة الشعب اليمني الحر، بإرادة إيرانية طائفية، هدفها تمرير مشاريع إقليمية طائفية على حساب الشعب اليمني المقهور.
جعلت جماعة الحوثي وميليشياتها اليمن منصة اغتيال للأشقاء والجيران، وعلى الرغم من كل ما فعله الحوثي وأنصاره بجيران اليمن، كان الجيران والأشقاء العرب حريصين على أمنها واستقرارها، من خلال رفع المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني، ودفع الأطراف كافة إلى القبول بالحلول السياسية، لإعادة الأمن والاستقرار إلى اليمن.
جماعة الحوثي في تكوينها وتركيبتها لا تعرف إلا لغة القوة، فمعركة جبال مران في حرب صعدة الأولى 2004، تحاكي هذه الأيام، إذ كان أحد الأسباب الرئيسة في إيقاف الحرب وهزيمتهم، تمكن اللواء علي محسن الأحمر من قتل حسين بدرالدين الحوثي، وكأن الزمن يعيد نفسه، فإن المعارك مستمرة بالتزامن مع جميع محاولات الحوار والمباحثات لإيجاد حل للأزمة، لكن بسبب تبعية هذه الجماعة للقرار الإيراني فلا أمل من المباحثات والحوارات، فالحل في يد الأقوى، وهنا لا بد من التطرق إلى سلسلة الهزائم الكبيرة، التي تتعرض لها الميليشيا الإرهابية في ساحات المعارك، ما أجبرها على تقديم التنازلات والنزوح نحو الجبال في بعض المناطق.
وأحياء للإرث الانقلابي تتصارع أجنحة الانقلاب الحوثي في صنعاء على النفوذ والسلطة، متجاوزة جميع خسائرها العسكرية على الأرض، ليتحول التنافس الخفي إلى صراع محموم على أرض الواقع وفي الإعلام، من خلال ممارسة الفساد والمحسوبية والرشوة وتسخير الوظيفة العامة للدولة لمصالح خاصة بالميليشيا.
سياسات حسين بدرالدين الحوثي مستمرة على يد شقيقه الأصغر عبدالملك الحوثي، حيث سبق أن اتهمت عددا من عناصرها وزعماء القبائل في مدينة البيضاء بالخيانة، بالتزامن مع شن قيادي مقرب منه حملة احتجازات وتصفيات استهدفت قيادات من الجماعة أيضا وعناصر تابعة لها، فقد وجهت قيادات حوثية من العاصمة صنعاء، ومحافظة صعدة، اتهامات لقيادات ومشرفين آخرين لدى جماعة الحوثي وزعامات قبلية موالية لها، بالوقوف وراء الخسائر التي تكبدوها في مديريات الزاهر والصومعة وذي ناعم.
يعد الانقلاب الحوثي امتدادا لعمليات النهب، التي دشنها منذ انقلابه على الدولة، ولم تسلم منها ممتلكات المواطنين، كما أن الميليشيات الحوثية لا تزال مستمرة بمساعيها الرامية إلى تدمير ما تبقى من القطاع الخاص بمناطق سيطرتها، من خلال اتخاذها قرارات ارتجالية هدفها حصر استيراد السلع الخارجية على الموالين لها بالشراكة من قادة بارزين في الميليشيات، إذ اتخذت قرارات تقضي بحظر استيراد سلع ومواد استهلاكية مختلفة، امتدادا لقرارات سابقة حظرت فيها استيراد جميع أنواع المكسرات والفواكه والخضراوات والمعلبات وبعض الأدوية وحافلات النقل الصغيرة وغيرها من المواد والسلع الأخرى، وتهدف الميليشيات من وراء تلك الخطوات إلى استكمال فرض كامل هيمنتها على كبار التجار المستوردين، بغية تطفيشهم وإحلال آخرين موالين لها مكانهم.
تتراكم خسائر ميليشيا الحوثي، بعد رفضها أي تسويات سياسية، إضافة إلى رفضها الكف عن استخدام المواطنين اليمنيين دروعا بشرية، على الرغم من دعوات المنظمات الإنسانية الدولية والأمم المتحدة وواشنطن من أجل إنهاء الحرب، ووقف الهجمات الحوثية على المحافظات اليمنية، التي تأوي آلاف النازحين، إذ تواصل الميليشيات نشر الموت في كل شبر من الأراضي اليمنية، دون أن تحرز أي نتائج ملموسة، وسط مقاومة الشرعية ومقاتلي القبائل.
بدأ العد العكسي لمشروع الميليشيات في بلاد اليمن، بحسب مراقبين، بعد ضرب عواصم عربية بصواريخ باليستية، حيث واصلت قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وقوات الشرعية اليمنية تكبيد الحوثيين خسائر كبيرة، وتحرير مناطق تقع تحت النفوذ الحوثي، ومنها مديريات عسيلان وبيحان وعين وشبوة وحريب ومعظم العبدية، وما زالت قوات الشرعية مستمرة في توجيه ضرباتها الموجعة إلى ميليشيا الحوثي في اليمن، لثنيهم عن مواصلة الانقلاب، الذي تقوده الميليشيا بدعم إيران ماديا وعسكريا، كما هي الحال في دول عربية أخرى كسورية والعراق ولبنان.

الأكثر قراءة