التضامن مع أفقر الدول لمساندة التعافي «1 من 2»

قبل بضعة أسابيع، اتفق المجتمع الدولي على حزمة تمويل قياسية قيمتها 93 مليار دولار لمساعدة دول العالم الأشد فقرا. وستقدم هذه المساندة من خلال المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي على مدى الأعوام الثلاثة المقبلة ابتداء من تموز (يوليو). هذه هي العملية الـ 20 لتجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية، وهي الأكبر بفارق كبير عن غيرها في تاريخ المؤسسة الذي يمتد عبر 61 عاما. فما الذي يجعل المؤسسة صندوق التمويل المفضل في مجال التنمية الدولية حتى في أوقات ضيق الموارد العصيبة؟ أعتقد أنه تبرز في هذا الصدد أربع خصائص رئيسة للمؤسسة.
الأولى، أن المؤسسة تتبع نموذجا فريدا في التمويل. في تحرك ينم عن تضامن رائع في وقت بلغت فيه الاحتياجات العالمية مستويات هائلة، تعهد ائتلاف عريض من الدول مرتفعة ومتوسطة الدخل من شتى أرجاء المعمورة بتقديم 23.5 مليار دولار. وتستخدم المؤسسة نموذجا فريدا للرفع المالي يجمع بين هذه التعهدات من الدول المانحة والأموال التي تتم تعبئتها في أسواق رأس المال، إلى جانب حصيلة سداد قروضه والموارد الخاصة لمجموعة البنك الدولي. ويعني هذا أن كل دولار يتعهد المانحون بتقديمه يولد نحو أربعة دولارات تمويلا من المؤسسة لدول العالم الأشد فقرا.
الثانية، أن المؤسسة تقدم مساندة شاملة على نطاق واسع. على مر الأعوام، كانت المؤسسة الدولية للتنمية دوما وصيا رائعا على أموال دافعي الضرائب. فهي تقدم موارد تمويل ميسر مرن للدول الـ 74 الأشد فقرا مع التركيز على الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس، وتحقيق تأثير إيجابي للفئات الفقيرة والأكثر احتياجا. على سبيل المثال، من المتوقع أن تؤدي برامج المؤسسة خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، إلى تزويد ما يقرب من 400 مليون شخص آخرين بالخدمات الأساسية للرعاية الصحية والتغذية والإسكان، وسيكون بمقدور 300 مليون شخص آخرين الاستفادة من برامج شبكات الأمان الاجتماعي. وفي إطار كل عملية تجديد لموارد المؤسسة، تلقي الدول المقترضة والمانحة نظرة جديدة على ما أحدثته المؤسسة من تأثير إيجابي، وتناقش كيف يمكنها عمل مزيد. وبالنسبة للعملية الـ 20 لتجديد موارد المؤسسة، يشمل هذا التزامات طموحة على صعيد في مجالات تراوح بين الرعاية الصحية والتعليم إلى إيجاد الوظائف والبنية التحتية الرقمية والمساواة بين الجنسين ومساندة ذوي الإعاقة. وستعمل المؤسسة أيضا لتكثيف مساندتها في الدول التي تعاني أوضاع الهشاشة والصراع، وتلك التي تستضيف اللاجئين. ومن خلال العمل في مختلف القطاعات، ستواصل مساعدة الدول على تقوية مؤسساتها الحكومية وخدماتها وإدارتها للدين العام.
الثالثة، أن مساندة المؤسسة كانت حيوية خلال مراحل جائحة كورونا. فالمؤسسة تساعد دول العالم الأشد فقرا على التصدي للأزمات، وتخفيف الآثار على الفئات الفقيرة والأكثر احتياجا، وبناء القدرة على مجابهة الصدمات. ولا غنى عن هذه المساندة في الوقت الحالي، حيث تكافح الدول انتكاسات إنمائية خلفتها جائحة فيروس كورونا كوفيد - 19، وتعمل لإرساء الأساس لتعاف أكثر خضرة وأوسع شمولا وأقدر على الصمود.
وفي مرحلة مبكرة، أدركنا أن الجائحة ستوجد صعوبات على نطاق لم يسبقه مثيل - اليوم سقط أكثر من 100 مليون شخص آخر في براثن الفقر المدقع في أنحاء العالم. ولم نلبث أيضا أن فهمنا أن قيام المؤسسة بتعجيل صرف الموارد سيكون له أكبر الأثر في الدول التي تحتاج إلى المساعدة... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي