تبني الاحتياطي الفيدرالي للدولار الرقمي بحذر «2 من 2»
تقود البنوك المركزية الأخرى عملية تداول العملات الرقمية، فإن البعض يخشى أن يجد بنك الاحتياطي الفيدرالي نفسه في موقع شركة إيستمان كوداك "التي حققت فيما مضى ثروة هائلة من بيع أفلام آلات التصوير" بعد ظهور التصوير الرقمي، أو في موقع صانعي الساعات الميكانيكية السويسريين بعد أن أصبحت الساعات الرقمية واسعة الانتشار.
ومع ذلك، هناك سبب آخر أكثر غموضا وراء إحجام بنك الاحتياطي الفيدرالي عن تبني الدولار الرقمي: لا تزال تشكل الولايات المتحدة في الأساس دولة ديمقراطية ونظام اقتصاد السوق. ورغم أن الحكومة تتمتع بسلطة تنظيمية وقانونية كبيرة لفرض اعتماد عملتها الرقمية، إلا أن هذا ينطبق إلى حد معين فقط. لا يمكن إجبار الرأي العام الأمريكي على قبول انتقال لا يرغب فيه. يجب العودة إلى محاولة وزارة الخزانة تعميم عملة ورقية من فئة دولارين، لأنها كانت ستوفر المال على طباعة العملات الورقية الفردية.
لذلك، عندما تحاول الولايات المتحدة استخدام الدولار الرقمي للبيع بالتجزئة - كما أعتقد أنها ستفعل في نهاية المطاف - فقد تحصل على فرصة واحدة لتنفيذ ذلك. وفي الوقت الحالي، فإن مجموعة التقنيات والخيارات المتاحة الخاصة بالعملات الرقمية للبنوك المركزية تكاد تكون بلا حدود. "فقد أجرت سلطة النقد في سنغافورة أخيرا مسابقة لصياغة تصميم الدولار السنغافوري الرقمي، وكانت الجولة الأخيرة التي كنت أحد الحكام فيها تضم ما لا يقل عن 15 إدخالا متنوعا". إذا أدركت الحكومة الصينية أنها اختارت التكنولوجيا الخاطئة بالنسبة للعملات الرقمية للبنوك المركزية الخاصة بها، يمكنها أن تخبر باقي الحكومات أنها بحاجة إلى فرصة ثانية. ومع ذلك، إذا فشلت المحاولة الأولى لمجلس بنك الاحتياطي الفيدرالي في استخدام الدولار الرقمي، بسبب الافتقار إلى المصلحة العامة والضغوط السياسية، فقد يضطر إلى الانتظار لعقود من الزمان قبل المحاولة مرة أخرى.
تتلخص إحدى القضايا الغائبة بشكل واضح عن التقرير الأبيض الذي أعده مجلس بنك الاحتياطي الفيدرالي عن كيفية تخطيط بنك الاحتياطي الفيدرالي لتنظيم التقنيات المالية اللامركزية لويب الجيل الثالث 3.0 "الإصدار التالي من الإنترنت"، وهو المجال الذي كثيرا ما تغيب فيه السلطات الأمريكية عن الساحة. خصوصا يتعين على الجهات التنظيمية في الولايات المتحدة، بشكل عاجل، بذل مزيد من الجهود لتوجيه وكبح نمو العملات الرقمية المشفرة الخاصة ومشتقاتها العديدة. وعلى حد تعبير إليزابيث وارين السيناتورة الأمريكية: فإن "العملات المشفرة هي بمنزلة بنك الظل الجديد". إن وجهة النظر الشائعة القائلة: إن العملات الرقمية المشفرة تستخدم أساسا فقط للاستثمار وليس للمعاملات وتدفقات رأس المال - وهي وجهة نظر يدعمها تقرير بنك الاحتياطي الفيدرالي - هو تفكير قائم على التمني كما أظهرت الأبحاث الحديثة.
ولقد جادل جيروم باول؛ رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، بأن تقديم عملة رقمية للبنك المركزي الأمريكي من شأنه أن يقلل الطلب على العملات المشفرة، ويعد أحد دوافع بنك الاحتياطي الفيدرالي لإصدار تقريره الأبيض. لكن كثير من الطلب على العملات الرقمية المشفرة مثل عملة بيتكوين ينتج عن الاقتصاد السري العالمي، سواء فيما يتعلق بشراء المخدرات غير المشروعة على شبكة الإنترنت المظلمة، أو تهرب حكومة الأقلية الروس من العقوبات، أو هروب رؤوس الأموال، أو غسيل الأموال، أو التهرب الضريبي.
لا يمكن تجنب الحاجة إلى التنظيم الصارم لاستخدام العملات المشفرة في الاقتصادات المتقدمة الآن، والعملات الرقمية للبنوك المركزية في الدول الأخرى عند دخولها حيز الاستخدام الدولي. إن إحجام مجلس الاحتياطي الفيدرالي عن التسرع في إطلاق الدولار الرقمي أمر مفهوم، لكنه ليس مبررا لبطء وتيرة الإصلاح التنظيمي.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكت،2022.