تفادي اندلاع أزمة غذائية أخرى «2 من 2»
بدأ ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء في إثارة استجابات سياسية مألوفة، حيث قيد عديد من الحكومات صادرات الحبوب وغيرها من المواد الغذائية الرئيسة في محاولة للحفاظ على الإمدادات المحلية والحد من ارتفاع الأسعار. كما أن العدد المتزايد من الشكاوى المقدمة إلى منظمة التجارة العالمية من المصدرين في عديد من الدول والولايات القضائية الأعضاء يوضح حجم المشكلة. فقد تؤدي ضوابط التصدير هذه إلى إحداث دوامة من زيادات الأسعار والقيود الجديدة. حيث يقدر البنك الدولي أن 40 في المائة من الزيادة في أسعار القمح العالمية خلال أزمة أسعار الغذاء الأخيرة في 2010 - 2011 نتجت عن محاولات الحكومات عزل الأسواق المحلية.
في الواقع، تستطيع دول العالم أن تخفف حدة هذه المخاطر. تظهر التجربة أن التعاون الدولي من شأنه أن يساعد على احتواء الآثار غير المباشرة لارتفاع أسعار المواد الغذائية. على مدى عقد من الزمن، لعب تبادل المعلومات حول الإمدادات الغذائية والمخزونات من خلال نظام معلومات السوق الزراعية دورا في تمكين كبار المصدرين والمستوردين من تفادي حالات الذعر والحفاظ على استمرار عمل الأسواق بسلاسة.
نظرا لأن نظام التجارة العالمي يناضل بالفعل للتعامل مع ارتفاع تكاليف النقل وازدحام الموانئ، فمن شأن تعزيز التنسيق بين جميع الأطراف أن يساعد على تحقيق استقرار الأسواق الدولية للأغذية والطاقة والسلع، وتقليل إمكانية حدوث اضطرابات إضافية في سلاسل التوريد. الأهم من ذلك، أن آلية المراقبة والشفافية في منظمة التجارة العالمية من شأنها أن تساعد على ضمان بقاء سلاسل الإمداد الغذائية والزراعية، التي لا تتأثر بصفة مباشرة بالعقوبات، مفتوحة وتعمل بكفاءة.
إضافة إلى ذلك، من شأن تحسين الرؤية فيما يتعلق بارتباك السوق أن يعمل على تمكين المجتمع الدولي من تحديد وحشد المساعدة المالية وغيرها من المساعدات للدول الفقيرة التي تضررت بشدة من ارتفاع أسعار المواد الغذائية. الحق أن هذه مسألة ملحة خصوصا، فحتى قبل حرب أوكرانيا، تخلف عديد من دول العالم عن اللحاق بركب التعافي الاقتصادي ما بعد الجائحة. حيث عانى النمو في أفقر الدول تأخرا شديدا عن اتجاه ما قبل 2020، ما يعكس ضعف قدرتها المالية وعدم تكافؤ فرص الحصول على لقاحات كوفيد - 19.
بينما يراقب العالم الأزمة الأوكرانية التي تتوالى فصولها، من الطبيعي والمناسب أن تركز الحكومات على أوجه الخلل التي تواجه اقتصاداتها. لكن ينبغي لنا أيضا أن نتحرك على الفور لضمان ألا يتحول بعض أفقر الناس وأكثرهم ضعفا، أولئك البعيدون عن الصراع والغائبون عن عناوين الأخبار إلى خسائر جانبية.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2022.