الأمن الغذائي الخليجي .. المراجعة والحلول

طرحت مبادرة بالغة الأهمية خلال الاجتماع التنسيقي لوكلاء الوزارات المعنية في الزراعة والغذاء بدول مجلس التعاون الخليجي الذي عقد أخيرا في الرياض، وتعد هذه المبادرة خطوة بالغة الأهمية تنبع من حرص المسؤولين على تقليل آثار الأزمة التي تسود العالم جراء الظروف الجيوسياسية وآثار جائحة كورونا كوفيد - 2019 وما قد ينشأ من ظروف صحية أو مناخية غير مواتية، والتوصل إلى خطوات وإجراءات وخطط تضمن - بإذن الله - الرخاء بوفرة الغذاء للمواطنين والمقيمين في دول مجلس التعاون الخليجي.
إن التشخيص الصحيح للمشكلة والاعتراف بها يعد هو الأساس في البحث عن العلاج والحلول الناجعة، وفي هذا الشأن صرح المجتمعون بأن القطاع الزراعي يعد في مقدمة القطاعات التي تأثرت بأزمة كورونا كوفيد - 2019 وما تبعتها من الأزمة الروسية-الأوكرانية وتداعياتها على توافر الغذاء المتاح للتصدير، وما تلا ذلك من حظر بعض الدول منتجاتها الغذائية، وما حدث من إيقاف وإقفال بعض الموانئ المؤثرة في حركة المواد الغذائية عالميا وإرباك سلاسل الإمداد، كما صرح المجتمعون بأهمية مراجعة الخطط الاستراتيجية القائمة حاليا بدول المجلس ذات العلاقة بالزراعة والتصنيع الغذائي وحصر نقاط القوة والميز النسبية في دول المجلس تجاه توفير الغذاء وتفعيل دور القطاع الخاص ودعمه وتمكينه من الإسهام في حل هذه المشكلة، هذا القطاع يشمل الشركات الزراعية والمزارعين ومصنعي الغذاء وتجار وموردي المواد الغذائية، وإيجاد إجراءات وآليات تعزز الإنتاج الزراعي والغذائي المحلي.
‏إن من فضل الله علينا في المملكة أنها قد أثبتت ولعدة أعوام أنها قادرة على تحويل هذه الصحراء إلى واحات خضراء منتجة لأفضل أنواع الغذاء من أرضها، واكتفت محليا في حاجتها من القمح والحبوب والأعلاف وتنوع إنتاجها من الخضار والفواكه والألبان والدواجن واللحوم الحمراء وفاض الإنتاج فيها لدول مجلس التعاون الخليجي كذلك.
إن ما تمر به المملكة ودول الخليج حاليا من ظروف استثنائية تتطلب بالفعل، وعلى نحو عاجل، إعادة النظر في السياسة والخطط الزراعية كما صرح به وكلاء الوزارات المعنية وأهمية اتخاذ إجراءات تتطلبها المرحلة، تكمن في فتح المجال أمام المزارعين في مباشرة الإنتاج بما تتطلبه السوق المحلية من القمح والأعلاف سوى الأعلاف الخضراء أو الذرة والشعير، وإعادة النظر في السجلات الزراعية التي تقنن النشاط الزراعي وتحد منه بحيث تعتمد خطة زراعية طموحة لخمسة أو عشرة أعوام قادمة على الأقل، وإعادة جدولة قروض المزارعين، بحيث يبدأ التحصيل بعد ذلك ومنحهم مزيدا من القروض والتسهيلات، وشراء منتجاتهم من القمح بسعر مجز أو على الأقل مساو للسعر العالمي وشامل لتكلفة وصوله إلى مستودعات الهيئة العامة للحبوب التي قد تتجاوز 2000 ريال للطن، علما بأن بعض الدول المجاورة تدفع 2200 ريال للطن للمزارعين مقابل ذلك. إذا وضحت الرؤية والخطة للمزارعين والشركات الزراعية من قبل الجهات المختصة، فإن استجابتهم ستكون فعالة ومؤثرة.
إن تكلفة الغذاء في بعض دول مجلس التعاون ومنها المملكة المرتفعة مردها وجود الرسوم على المنتجات الزراعية ومدخلات الإنتاج للصناعات الغذائية ومتطلبات الزراعة من المبيدات والأسمدة والآلات والمعدات، فإذا استثني قطاع الغذاء كافة من هذه الرسوم ومن المقابل المالي للعاملين فيه، فستنخفض التكلفة على المستهلكين لأكثر من 30 في المائة مباشرة، ولا شك أن هذا يتطلب الحد من أي ممارسات لرفع الأسعار من قبل التجار بعد ذلك، عندها سنحافظ على نشاط شركاتنا الزراعية والمنتجين المحليين للغذاء، الذين يواجهون أزمة أسعار مع المستهلكين قد تقوض عملهم ووجودهم جراء ما قد يواجهونه من خسائر فادحة خارجة عن إرادتهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي