الغذاء .. أزمة أسبابها متراكمة

يشهد العالم موجة غلاء في معظم المنتجات بشكل عام بدءا بأسعار الطاقة وانتهاء بأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية ويرجع ذلك إلى تراكم عدة أسباب بدأت بجائحة كورونا في شباط (فبراير) 2019، حيث شلت حركة السفن والطائرات وتعثرت معظم سلاسل الإمداد ووسائل النقل الداخلية والدولية وبعضها توقف تماما ثم تبعتها أزمة إغلاق قناة السويس جراء حادثة اعتراض السفينة "إيفرجرين مارين" التي شهدت توقف معظم شركات الشحن من آسيا إلى أوروبا عبر البحر الأحمر وارتفاع تكاليف التأمين ما جعل أسعار الشحن تتضاعف 12 مرة من الواردات الآسيوية والأمريكية إلى الموانئ السعودية ثم جاءت الأزمة الروسية - الأوكرانية لتزيد من حجم مشكلة تصدير المنتجات الزراعية ودورهما في تصدير الحبوب والزيوت الغذائية، ما أحدث تضخما في أسعار المواد الغذائية في العالم وفي أسواق المملكة كذلك وجراء ارتفاع تكاليف النقل نظرا لارتفاع أسعار النفط الخام والمواد الكيميائية الأساسية التي تجاوزت 92 في المائة.
وأظهرت البيانات الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء الخاصة بمتوسط أسعار السلع الغذائية التي عددها 162 سلعة في السوق السعودي، في نيسان (أبريل) 2022 ارتفاع أسعار 145 سلعة، وسجلت أكثر الأغذية والمشروبات ارتفاعا في نيسان (أبريل) 2022 حيث كانت منتجات الخضار أعلاها سعرا فقد بلغت نحو 66 في المائة والحليب ومنتجات الألبان سجلت ارتفاعا قدره 32 في المائة والزيوت النباتية نحو 25 في المائة والبيض نحو 25 في المائة ويأتي ذلك جراء ارتفاع أسعار السلع الغذائية الرئيسة في البورصات العالمية حيث بلغت أسعار الذرة - باعتباره أهم العناصر الغذائية المباشرة وغير المباشرة تأثيرا في أسعار الغذاء – فبلغت في نيسان (أبريل) 2020 مبلغ 140 دولارا للطن، وارتفعت في نيسان (أبريل) 2021 إلى 290 دولارا، بارتفاع 107 في المائة وعاودت الارتفاع 20 في المائة إضافية في نيسان (أبريل) عام 2022 لتصل إلى 350 دولارا للطن، أما القمح فقد بلغت أسعاره في نيسان (أبريل) 2020، 240 دولارا للطن وارتفعت في نيسان (أبريل) 2021 إلى 300 دولار، بزيادة 25 في المائة وعاودت الارتفاع خلال نيسان (أبريل) 2022 لتصل إلى 510 دولارات للطن مسجلة ارتفاعا في أسعار القمح قدره 63.6 في المائة، وبلغت أسعار الشعير في تشرين الأول (أكتوبر) 2020، 190 دولارا للطن وارتفعت في تشرين الأول (أكتوبر) 2021 إلى 250 دولارا للطن بارتفاع قدره 31 في المائة، وعاودت الارتفاع في شباط (فبراير) 2022 لتسجل 330 دولارا بارتفاع 32 في المائة (بورصة شيكاغو). الأرز الهندي (البسمتي) بلغ سعره في نيسان (أبريل) 2020، 880 دولارا للطن وارتفع قليلا في نيسان (أبريل) 2021 إلى 950 دولارا، بزيادة 8 في المائة وعاود الارتفاع عام 2022 ليسجل 1200 دولار للطن بزيادة إضافية بلغت 26 في المائة
ومن هنا نلاحظ أن أسعار اللحوم سوى الدواجن المحلية أو المستوردة أو البيض أو اللحوم الحمراء وأسعار الأغنام والمواشي والألبان ومنتجاتها ترتفع تبعا لارتفاع أسعار هذه المواد الأولية التي تعتمد عليها.
‏ وإزاء هذا الوضع ناقشت وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية هذه الظاهرة وأفضل السبل تجاهها فالبعض حمل المنتجين والتجار تبعات هذه الأزمة والمطالبة بمراقبة أسعارهم وهذا مطلب مهم، ومنهم من التزم الصمت وترقب ما ستتخذه الجهات المعنية من قرارات لتخفيف الأزمة، ولا شك أن المعول في خفض تكاليف الغذاء وأكثرها أمنا هو إنتاج الغذاء محليا بالتوسع في الأنشطة الزراعية ورفع الإنتاج المحلي الزراعي ودعم المزارعين ومصنعي الغذاء في المملكة
وسنجد أثر ذلك في ديمومة الرخاء التي تنعم بها بلادنا.
وللبحث عن بعض الحلول العاجلة لتقليل هذا الأثر على المستوى الفردي ينبغي أن يتم إحداث تغيير في سلوك الأفراد لتقليل تأثير ارتفاع أسعار الغذاء في ميزانيتهم الشهرية والحد من الطلبات ومشتريات الشبكات الإلكترونية والحفلات للمناسبات المفتعلة وضبط ميزانية الأسرة الشهرية بالتوازن بين المتطلبات الأساسية والثانوية والحد من الهدر الغذائي الذي يشكل أكثر من 30 في المائة من فاتورة وكمية الغذاء وكذلك التسوق الذكي بالبحث عن بدائل أرخص عند التسوق من محال ذات تكاليف منخفضة تقدم المنتجات الاستهلاكية بأسعار أقل من بعض الأسواق المركزية الغالية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي