التجارة الدولية .. القدرة على الصمود أو تعززها «2 من 2»
وافقت إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة، أخيرا، على تخفيف بعض الروتين للسماح بدخول الواردات مؤقتا. لكن لا ينبغي أن تقام مثل هذه الحواجز في المقام الأول.
بوسع المرء أن يستخلص استنتاجا عاما من واقعة نقص حليب الأطفال. صحيح أن التعرض للتجارة الدولية قد يكون في بعض الأحيان مصدرا للتقلبات عندما تنشأ صدمات في الخارج. على سبيل المثال، كانت زيادة اعتماد ألمانيا بشكل طوعي على الغاز الطبيعي الروسي على مدار الأعوام العشرة الأخيرة سببا في جعلها عرضة للخطر بشدة عندما تدخلت روسيا في أوكرانيا في شباط (فبراير)، لكن التجارة الحرة من الممكن أيضا أن تخفف من التقلبات عندما تنشأ الصدمة محليا.
من ناحية أخرى، يريد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة استبدال مصادر الطاقة المتجددة بالوقود الأحفوري، خاصة المشترى من روسيا. وتتمثل إحدى السياسات التي قد تساعد على تقليل تكلفة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في إزالة الحواجز أمام الواردات من الألواح الشمسية وتوربينات الرياح.
في السادس من حزيران (يونيو)، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، تعليقا لمدة عامين للرسوم الجمركية الجديدة المرتقبة على الواردات من الألواح الشمسية. هذا مفيد لكل من البيئة وقدرة أمريكا على التعامل مع ارتفاع أسعار الطاقة العالمية، لكن الولايات المتحدة لا تزال تطبق التعريفات القديمة.
وكذا هي الحال في الاتحاد الأوروبي، حيث سيكون خفض الطلب على الوقود الأحفوري الروسي أصعب كثيرا. وسيكون التراجع عن التعريفات وغير ذلك من الحواجز التي تحول دون استيراد معدات الطاقة المتجددة خطوة في الاتجاه الصحيح.
أخيرا، يتلخص أحد العلاجات لمشكلة التضخم الحالية في خفض الحواجز المانعة للاستيراد في عموم الأمر. ما ينطبق على الهياكل السفلية للشاحنات، وحليب الأطفال، والألواح الشمسية، ينطبق أيضا على السلع القابلة للتداول ككل "السلع الأساسية وكذا السلع المصنعة". كانت الرسوم الجمركية على الواردات من الأخشاب اللينة من كندا سببا في تفاقم ارتفاع تكاليف بناء المساكن. كما تسببت الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب على الصلب والألمنيوم في زيادة الأسعار التي تدفعها الشركات الأمريكية التي أسهمت بدورها في ارتفاع الأسعار التي يدفعها المستهلكون لشراء المسامير، والسيارات، وعديد من المنتجات الأخرى التي تحتوي على المعدنين.
في دراسة حديثة، تشير تقديرات معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، إلى أن حزمة معقولة من تحرير التجارة من الممكن أن تؤدي إلى خفض مؤشر تضخم أسعار المستهلك في الولايات المتحدة لمرة واحدة بنحو 1.3 نقطة مئوية، بما يصل إلى 797 دولارا لكل أسرة أمريكية.
أوردت تقارير أن إدارة بايدن تدرس الآن التراجع عن بعض التعريفات التي فرضها ترمب على الواردات من الصين خصوصا، كواحدة من الخطوات الملموسة القليلة التي يمكنها اتخاذها التي من شأنها أن تساعد على الفور في تخفيف التضخم. سيكون التأثير في التضخم أقل من 1.3 نقطة مئوية، لأن الحزمة الممكنة الكاملة لن تعتمد. لكنها ستكون خطوة مشجعة.
من المؤكد أن تحرير التجارة لن يكون كافيا للقضاء على التضخم، لكن الدرس الأوسع هو الدرس المستفاد ذاته من قضية حليب الأطفال، واختناقات النقل، وأمن الطاقة: الانفتاح على التجارة من الممكن أن يكون مصدرا للمرونة والقدرة على الصمود.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2022.