أفكار استثمارية

في ظل انخفاض المؤشرات المالية قرأت حديثا أن هوارد ماركس، أوصى بأن الفرصة باتت مناسبة للشراء مرة أخرى، علما أنه متخصص أكثر في سندات الشركات، خاصة ما يصف بأنه سند منخفض السعر مصدره شركة جيدة، ولو أنها متعثرة وقتيا.
Howard Marks لمن لا يعرفه مستثمر ناجح ومؤسس لشركة أوك تري Oaktree، بدأ حياته الاستثمارية منذ 1969، باع الشركة مع شركائه بنحو أربعة مليارات دولار لشركة كندية، لكنه ما زال يديرها، وهي تدير أكثر من 150 مليار دولار في قنوات استثمارية متنوعة. اشتهر برسائل استثمارية يكتبها للعامة حول أفكاره عن الأسواق والاستثمارات، حتى وارن بافت أصبح أحد القراء. سأحاول إيجاز بعض الأفكار، لعلها تساعد المستثمر في الأوقات الصعبة التي تعم الأسواق.
يصف ماركس حراك الأسواق، بأنها تتحرك حسب الأساسيات وتفكير الناس حولها. الأساسيات تتغير لكن أيضا تفكيرنا حولها يتغير، فكما أن قراءاتنا لأداء وتقييم الشركات محاسبيا وماليا وإداريا بالمقارنة يختلف، فكذلك اعتقاداتنا عن الأساسيات، فالبعض قد يراها عابرة والبعض يراها جوهرية، وآخر قد يراها خاصة بشركة معينة أو قطاع معين، فيما يراها آخرون جزءا من حراك أوسع، وهكذا. المهم أن نفرق بين الأساسيات وبين الاختلاف في تفسيراتنا حولها، الأول في الأغلب موضوعي، والثاني في الأغلب ليس موضوعيا.
الفكرة الأخرى التي في الأغلب يروج لها أن الاقتصاد "ليس اقتصاديا"، ولا إدارة الاستثمارات مجال علمي، مثل الفيزياء يمكن أن تعاد التجربة ونتوقع النتيجة نفسها، لكن الاستثمارات تخضع لحراك تذبذبي يحكمه الأمل واليأس، حراك ميكانيكي، لكنه غير رتيب ولا يعيد نفسه، لكنه يتناغم. فمثلا أداء الأسهم في أمريكا قريب من 10 في المائة "مؤشر S&P 500 للأسهم" سنويا في المتوسط على مدى قرن تقريبا، وهو في الأغلب ليس بين 12 و8 في المائة، لكنه بين 20 في المائة كربح و20 في المائة خسارة. هذا المدى الواسع يشجع طبيعيا على الأمل واليأس في تفاعل طبيعي مع نفسيات البشر. لذلك يصبح المزاج هو ما يحكم الحراك شبه الميكانيكي غير الرتيب. كذلك ينخرط كثير في تفسير كيف للأمور أن تصير حسب تعليمهم الأكاديمي، وليس كما الأمور في الواقع.
النتيجة العملية أن أغلب مديري الاستثمارات المباشرين لا ينجحون حتى في متابعة المؤشر، خاصة بعد خصم رسوم الإدارة والحفاظ على حد أدنى من النقد والحذر المؤسساتي للحفاظ على العملاء. طبقا لماركس، ما يوجد الفرق في الأداء الاستثماري التالي: فهم حصيف للمستقبل، فهناك من لديه رؤية أفضل للمستقبل، فالمعلومات الموضوعية عن المؤشرات المالية والأعمال حول الحاضر لا تكفي لتفسير المستقبل، لكن هناك من يستطيع تكوين رؤية أفضل حول قراءة المستقبل أو اختزال المتوافر من معلومات وتوظيفها للمستقبل. القدرة على تحليل أفضل للعوامل والمعلومات غير العددية. المعرفة غير العددية تشمل تقدير المزاج العام وربما فهم أفضل لمحصلة النفسية العامة، ربما تكون هناك حالة إحباط عامة تسمح بفرص مواتية للشراء، أو ربما تسود حالة حماس حتى تهور يكون فرصة للبيع. أيضا تحت هذا العامل، القدرة على تقييم إدارة الشركات ومدى كفاءة أجهزتها المحاسبية والإقبال على منتجاتها. العائد عادة بين السعر والقيمة في تفاعل مع الأساسيات وتفكيرنا حولها. نختم بنصائح عامة لأشهر المجربين، فمثلا يقول تمبلتون، إن أخطر كلمات في الاستثمار: إن هذه المرة مختلفة لتفسير البيئة العامة، وقول أينشتاين من الغباء تكرار الممارسات نفسها على أمل نتائج مختلفة، وقول توين، إن التاريخ لا يعيد نفسه، لكنه يتناغم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي