«العشرين» والتطورات الاقتصادية المعاكسة «3 من 3»
تتطلب التدابير ضد ضغوط الأسعار أن تكون موجهة ومؤقتة لدعم الأسر الضعيفة التي تواجه صدمات متجددة، خاصة بسبب ارتفاع أسعار الطاقة أو الغذاء. وفي هذا الصدد، أثبتت التحويلات النقدية المباشرة فاعليتها، بدلا من الدعم التشويهي أو ضوابط الأسعار التي تفشل عادة في تخفيض تكلفة المعيشة على نحو دائم.
وعلى المدى المتوسط، ستكون الإصلاحات الهيكلية بالغة الأهمية لتعزيز النمو. ونذكر منها سياسات سوق العمل التي تساعد الناس، خاصة النساء، على الانضمام إلى القوى العاملة.
ويجب تمويل التدابير الجديدة بصورة محايدة الأثر في الميزانية من خلال إيرادات جديدة أو تخفيضات في الإنفاق على بنود أخرى، دون تحمل ديون جديدة ومع تجنب التحرك بصورة مضادة للسياسة النقدية. وما يضاعف من أهمية كل هذا هو الحقبة الجديدة الحالية من المديونية غير المسبوقة وأسعار الفائدة المتصاعدة.
وبات تخفيض الدين ضرورة ملحة، خاصة في الاقتصادات الصاعدة والنامية ذات الالتزامات المقومة بالعملات الأجنبية، وهي الأكثر عرضة للتأثر بتشديد الأوضاع المالية العالمية، وحيثما كانت هناك طفرة كبيرة في تكاليف الاقتراض.
وبالفعل، بلغت عائدات السندات السيادية بالعملة الأجنبية أكثر من 10 في المائة في نحو ثلث الاقتصادات الصاعدة، بما يقترب من المستويات التي سجلت آخر ما سجلت بعد الأزمة المالية العالمية. وكانت الاقتصادات الصاعدة الأكثر اعتمادا على الاقتراض المحلي، مثلما هو الحال في آسيا، أكثر انعزالا عن هذا التأثير. غير أن اتساع نطاق الضغوط التضخمية والحاجة المصاحبة إلى تسريع وتيرة تشديد السياسة النقدية يمكن أن يغيرا المعادلة.
وتتزايد خطورة الموقف بالنسبة إلى الاقتصادات التي بلغت مرحلة المديونية الحرجة أو تقترب منها، وهي تشمل 30 في المائة من دول الأسواق الصاعدة و60 في المائة من الدول منخفضة الدخل.
ومرة أخرى، الصندوق على أهبة الاستعداد لمد يد العون إلى دوله الأعضاء - من خلال المشورة والتحليل المخصصين لكل بلد، وإطار للإقراض يتسم باستجابة أسرع لمساعدة الدول في وقت الأزمات. ويشمل هذا التمويل الطارئ، وزيادة حدود الاستفادة من الموارد، والتسهيلات الجديدة للسيولة والائتمان، وما أجريناه في العام الماضي من توزيع تاريخي لحقوق السحب الخاصة بقيمة تعادل 650 مليار دولار.
وبخلاف هذه الجهود، هناك حاجة ملحة إلى القيام بتحرك حاسم من أجل تحسين وتنفيذ الإطار المشترك الذي وضعته مجموعة العشرين لمعالجة الديون. وكبار المقرضين - سواء من السياديين أو المنتمين للقطاع الخاص - ينبغي أن يؤدوا دورهم ويعجلوا به. فالوقت ليس في مصلحتنا. ومن الضروري أن تحقق لجان الدائنين المعنية بتشاد وإثيوبيا وزامبيا أكبر قدر ممكن من التقدم في اجتماعاتها المقرر عقدها هذا الشهر.
ثالثا، نحتاج إلى زخم جديد للتعاون الدولي بقيادة مجموعة العشرين. فحتى نتجنب الأزمات المحتملة ونعزز النمو والإنتاجية، هناك حاجة ملحة إلى مزيد من التنسيق في العمل الدولي. ومفتاح ذلك هو البناء على التقدم الذي تحقق أخيرا في مجالات تمتد من الضرائب والتجارة إلى التأهب للجوائح وتغير المناخ. ويتضح ما يمكن إنجازه بالفعل إذا نظرنا إلى الصندوق الجديد الذي أنشأته مجموعة العشرين بتمويل قدره 1.1 مليار دولار للوقاية من الجوائح والتأهب لها، وكذلك النجاحات التي تحققت أخيرا في منظمة التجارة العالمية.