في الأرجح .. الاقتصاد الأمريكي راكد «2 من 2»
بالقياس نجد أن حسابات "الناتج المحلي الإجمالي الآن" في بنك الاحتياطي الفيدرالي في ولاية أتلانتا تضع في الحسبان مجموعة واسعة من البيانات عالية التردد، لكن فقط إلى الحد الذي تساعد عنده على "التنبؤ" أو "التنبؤ اللحظي" بالناتج المحلي الإجمالي الحقيقي. وعلى هذا، فإن استراتيجية البحث الجيدة لدراسة دورات الأعمال تتمثل في التركيز على حجم ومدة التحركات في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ذاته، كما يفعل الاقتصادي جيمس د. هاملتون في مؤشر إيكونبراوزر لمؤشرات الركود. في كل الأحوال، تأتي الاستدلالات حول فترات الركود من بيانات الناتج المحلي الإجمالي مماثلة لتلك التي يقدمها المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية.
تتمثل إحدى الحجج التي سيقت في إطار الجدال الحالي في أن أرقام الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة للربعين الأولين من 2022 ربما تخضع للتعديل في النهاية بالدرجة التي تجعلها لا تظهر ربعين متتاليين من الانخفاض. "تستند حساباتي أعلاه إلى أحدث البيانات المعدلة المتوافرة حول الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي". مثل هذه المراجعات ممكنة بطبيعة الحال، لكن من غير الممكن التنبؤ بها.
بين كل تعديلات بيانات الناتج المحلي الإجمالي منذ 1965 "المتاحة من بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا"، كانت المرة الوحيدة التي جرى فيها تغيير إحدى الحالات المذكورة لانخفاض الناتج المحلي الإجمالي لربعين متتالين في 1980. لأن البيانات الأولية للربع الثالث من 1980 لم تظهر انخفاضا في الناتج المحلي الإجمالي، فإن هذه الحالة لا تصنف على أنها انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي لمدة ربعين استنادا إلى البيانات الأولية. لكن هذا التعديل ما كان ليغير التصور المستمد من انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لمدة ربعين.
تتمثل حجة أخرى ساقتها جانيت يلين وزيرة الخزانة الأمريكية في أن سوق العمل القوية في الولايات المتحدة تمنع المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية من اعتبار الانكماش الحالي على أنه ركود. لكن في حين أنه من الصحيح أن بيانات تشغيل العمالة تمثل إحدى سلاسل البيانات التي يسترشد بها المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، فلا يوجد من الأسباب ما يحملنا على الاعتقاد بأن هذا المتغير ـ حتى لو ظل قويا ـ سيحدد بمفرده القرار النهائي بشأن الركود. رغم أن تشغيل العمالة ينخفض عادة أثناء الركود، فهناك عديد من الحالات التي سجل فيها تشغيل العمالة الثابتة نموا أو ظل مستقرا تقريبا بعد فترة معقولة من بداية الركود المعلن من قبل المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، من كانون الأول (ديسمبر) 2007 إلى آذار (مارس) 2008، ومن كانون الثاني (يناير) إلى نيسان (أبريل) 1980، ومن تشرين الثاني (نوفمبر) 1973 إلى تشرين الأول (أكتوبر) 1974، ومن كانون الأول (ديسمبر) 1969 إلى نيسان (أبريل) 1970.
تتمثل إحدى مزايا مقياس الربعين المتتاليين الواضحة في كونه محددا زمنيا ولا يتطلب انتظار إعلان المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية أن الركود بدأ. منذ تشكلت لجنة توقيت دورة الأعمال التابعة للمكتب الوطني للبحوث الاقتصادية في 1978، بلغ الفارق الزمني بين بداية الركود "وفقا لقياس المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية في النهاية"، وإعلان بداية الانكماش سبعة أشهر في المتوسط. ربما يبدو هذا التأخير جذابا في نظر إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إذا تجاوز موعد انتخابات التجديد النصفي في تشرين الثاني (نوفمبر)، لكنه غير جذاب بخلاف ذلك.
الخلاصة هي أننا، مع الإعلان الذي تم في الـ28 من تموز (يوليو) عن انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لربعين، بوسعنا أن نكون على يقين بدرجة كبيرة من أن الاقتصاد الأمريكي دخل في حالة الركود في وقت مبكر من 2022.
خاص بـ"الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2022.