العالم .. أزمة تلو أزمة «2 من 3»

تواجه دول العالم تحديات أكبر وخيارات أكثر صعوبة، فقد كان التعافي العالمي قد بدأ يفقد زخمه بالفعل قبل الحرب في أوكرانيا، وهو ما يعزى جزئيا إلى الارتباكات التي أحدثتها سلالة أوميكرون. وفي كانون الثاني (يناير)، خفضنا تنبؤاتنا للنمو العالمي إلى 4.4 في المائة لـ2022. ومنذ ذلك الحين، شهدت الآفاق تدهورا شديدا، وذلك في الأساس بسبب الحرب وتداعياتها. وينوء النشاط الاقتصادي أيضا بعبء التضخم والتشديد المالي وتكرار الإغلاقات العامة واسعة النطاق في الصين ـ ما ينشئ اختناقات جديدة في سلاسل الإمداد العالمية.
ونتيجة لذلك، ستتضمن توقعاتنا مزيدا من التخفيض للنمو العالمي بالنسبة إلى 2022 و2023. ومن حسن الطالع أن النمو سيظل في النطاق الموجب في معظم الدول. ومع ذلك، فسيسهم تأثير الحرب في تخفيض تنبؤات 143 اقتصادا هذا العام ـ أي ما يمثل 86 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي.
لكن قد رأيتم في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الذي صدر أخيرا، كيف تتفاوت الآفاق إلى حد كبير فيما بين الدول، فمن خسائر اقتصادية كارثية في أوكرانيا إلى انكماش حاد في روسيا، ودول تواجه تداعيات الحرب من خلال قناة السلع الأولية وقناة التجارة والقناة المالية. وتشمل الاقتصادات التي تواجه تخفيضات في التنبؤات الدول المستوردة الصافية للغذاء والوقود ـ في إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا.
وأدى ارتفاع أسعار السلع الأولية إلى رفع احتمالات النمو بالنسبة إلى عدد من الدول المصدرة للنفط والغاز الطبيعي والمعادن. غير أن هذه الدول تأثرت أيضا بارتفاع درجة عدم اليقين، وما حققته من مكاسب لا يكفي على الإطلاق لتعويض التباطؤ العالمي الكلي المدفوع في معظمه بالحرب الدائرة. وفي الوقت ذاته، يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء إلى زيادة الضغوط التضخمية، ما يشكل ضغطا على الدخول الحقيقية للأسر حول العالم. وتلقت آفاق المدى المتوسط ضربة أيضا.
فبالنسبة إلى معظم الدول، من المتوقع الآن أن يستغرق الناتج فترة أطول للعودة إلى اتجاهاته السائدة قبل الجائحة. ففي عدد كبير من الدول الصاعدة والنامية، لا يقتصر الأمر على التصارع مع التداعيات الاقتصادية للحرب، بل يمتد إلى الندوب المترتبة على أزمة الجائحة. ويشمل هذا فقدان الوظائف والخسائر المترتبة على تعطل عملية التعلم ـ التي يتحمل معظم تكلفتها النساء والشباب. ولا يزال التعافي يتبع مسارات شديدة التباعد تفصل بين الأغنياء والفقراء.
وعلاوة على ذلك، تبدو الآفاق محاطة بقدر هائل من عدم اليقين ـ يفوق كثيرا النطاق العادي. فمن الممكن أن تحتدم الحرب ويتم تصعيد العقوبات. وقد تظهر سلالات متحورة جديدة من كوفيد - 19. كذلك قد تفشل المحاصيل.
وكانت روسيا وأوكرانيا تقدمان 28 في المائة من صادرات القمح العالمية قبل الحرب، كما كانت روسيا وبيلاروسيا تقدمان 40 في المائة من صادرات البوتاس، وهو نوع أساسي من السماد. والآن، أصبحت أسعار الحبوب والذرة بالغة الارتفاع، وبلغني من القادة في مختلف دول إفريقيا والشرق الأوسط أن الإمدادات باتت محدودة... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي