العالم .. أزمة تلو أزمة «3 من 3»

إن انعدام الأمن الغذائي مصدر للقلق البالغ. ويجب أن نتحرك الآن من خلال مبادرة متعددة الأطراف لتعزيز الأمن الغذائي. فالبديل قاتم، مزيد من الجوع والفقر والقلاقل الاجتماعية ـ خاصة بالنسبة إلى الدول التي تسعى جاهدة إلى الإفلات من حالة الهشاشة والصراع منذ أعوام طويلة. ولا تزال أسعار الغذاء والطاقة، إلى جانب مشكلات سلاسل الإمداد، تدفع التضخم إلى الارتفاع. فبالنسبة إلى الاقتصادات المتقدمة، بلغ التضخم بالفعل مستوى لم يبلغه على مدار العقود الأربعة الماضية. ونتوقع حاليا أن يظل مرتفعا لمدى أطول مما قدرناه من قبل.
إن البيئة العالمية الحالية هي الأكثر تعقيدا في تاريخنا المعاصر، ما يفرض خيارات بالغة الصعوبة.
كيف يمكن لصناع السياسات كبح جماح التضخم المرتفع والدين المتزايد، مع المحافظة على الإنفاق الضروري وبناء الركائز اللازمة للنمو الدائم؟ وبشأن تحرك السياسات لحماية التعافي وبناء الصلابة، فقد تتمثل الأولويات العاجلة في إنهاء الحرب الدائرة في أوكرانيا، والتصدي للوباء، ومعالجة التضخم والمديونية.
وحول إنهاء الحرب نعلم من التجربة العالمية أن الصراع عدو التنمية والرخاء. وقد أحدثت تكاليف الحرب المرتفعة حالة من الشلل في كثير من الدول ولا تزال حتى الآن.
وإذ يحدونا الأمل في السلام، يجب أن نبذل قصارى جهودنا لمساعدة أوكرانيا وكل الدول المتضررة.
من جانبنا، بادر الصندوق بتقديم تمويل طارئ قدره 1.4 مليار دولار لمساعدة أوكرانيا على تلبية احتياجات الإنفاق العاجلة. وفي الأسبوع الماضي، أطلقنا أيضا حسابا خاصا يتيح وسيلة آمنة لإمداد أوكرانيا بمزيد من التمويل. ومع شركائنا الدوليين، نتأهب الآن لجهود إعادة الإعمار الشاملة التي ستكون ضرورية لاحقا.
ونعمل بنشاط أيضا لدعم الدول المجاورة لأوكرانيا التي أصابها ضرر بالغ، مثل مولدوفا ـ وهي بلد لا يتجاوز تعداد سكانه 2.6 مليون نسمة استقبل أكثر من 400 ألف لاجئ. كذلك نعزز الدعم لـ20 في المائة من دولنا الأعضاء التي تمر بحالة من الهشاشة أو الصراع. وبشأن التصدي لكوفيد - 19 الذي يواصل في الوقت ذاته مسيرته القاتلة، ولمحاربته، نحتاج إلى مجموعة أدوات شاملة تتضمن اللقاحات واختبار الكشف عن الفيروس والعلاجات المضادة للفيروسات. وينبغي أن تنتشر هذه الأدوات في كل مكان.
وتشير التحليلات التي أجراها أخيرا خبراء الصندوق والجهات الشريكة إلى إمكانية تحقيق ذلك بتكلفة متواضعة قدرها 15 مليار دولار هذا العام وعشرة مليارات دولار في كل عام لاحق.
وبالتأكيد، إذا كنا قد تعلمنا شيئا من تجربة الجائحة، فهو أن الأمن الصحي هو أمن اقتصادي.
وحول التعامل مع التضخم، فإنه يكتسب التعامل مع التضخم أهمية مماثلة. فالتضخم يشكل تهديدا للاستقرار المالي وضريبة على المواطنين العاديين الذي يكافحون لسد احتياجاتهم الأساسية. وفي كثير من الدول، أصبح التضخم مصدر قلق مركزي، وهناك احتمال متزايد بأن تنفلت توقعات التضخم عن الركيزة المستهدفة لها، ما قد يجعل التضخم أكثر رسوخا وأصعب في السيطرة عليه. وفي مواجهة هذا التحدي، ينبغي للبنوك المركزية أن تتحرك بحسم، مع تحسس نبض الاقتصاد وتعديل السياسة بما يتناسب معه. وبالطبع، ينبغي الإفصاح عن تحركاتها بوضوح.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي