الصحافة الذكية «4»
تناولت في الأجزاء السابقة أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في الصناعة الإعلامية، ودلالات الوضع الراهن للصحافة، وحتى تتحول الأماني إلى خطوات تنفيذية من المهم البدء بوعي الواقع لمعرفة الصعوبات والتحديات من أجل بذل الاستعداد الجيد والتخطيط المناسب، ويمكن تلخيص أبرز هذه الصعوبات في العناصر التالية:
الموارد البشرية: وهم القوة الحقيقية ومن يقودون الدفة لكنهم سيواجهون عقبة التدريب والتغيير ومواجهة التحول السريع وفي الواقع أن الجامعات لا تقدم مثل هذه الخبرات ولم ينضج السوق بما فيه الكفاية لتوليد الكفاءات وعلى المؤسسات الإعلامية التفكير بجدية في وضع رؤية واضحة لما ستؤول إليه الأمور بعد عشرة أعوام من الآن وهو موضوع العنصر القادم.
الرؤية الاستراتيجية: أي عمل ناجح يستند إلى استراتيجية وأهداف واضحة وممكنات تتركز على الامتلاك التدريجي لتقنيات الذكاء الاصطناعي، وتوسيع الشراكات محليا ودوليا من أجل الحصول على التحديثات المتلاحقة وبراءات الاختراع، وتنويع مصادر الدخل لإيجاد حلول تمويلية عبر مراكز الابتكار بعيدا عن عوامل الاستقرار السياسية، إن وجود استراتيجية واضحة يعني الحصول على فوائد حتمية باعتبار أن للذكاء الاصطناعي القدرة على التنافس في مجال المحتوى الدعائي والتسويقي والبراعة في جذب الشرائح المستهدفة بدقة.
وعي القائد: بصرف النظر عن الجدل الحاصل الآن فإنه من البديهي التفكير في تحويل الصعوبات إلى فرص والواقع يعكس كيف استطاعت وسائل إعلام في عديد من الدول بالتعامل مع التطورات النوعية في ميدان الصحافة والأخذ بزمام التفقه في التقنية وتوظيف الكوادر المؤهلة والأدوات المناسبة لذا من المهم التحرك فورا.
الآلة تبقى آلة: لا يمكن تعويض العقل البشري مهما تطورت الآلة، لأنه مناط التفكير والإبداع، ولا يستطيع الروبوت حاليا الوعي بالتطورات والمثيرات والقدرة على الاستقراء ومن الجدل الدائر حول هذا التحدي إمكانية الاستغناء لاحقا عن بعض الوظائف الإعلامية وهو افتراض مستمد من أن غرف الأخبار الحالية غير قادرة على التعامل مع الذكاء الاصطناعي ويسوق المدافعون عن هذا الرأي عديدا من الحجج ومن ظريف القول مقال كتبه بالكامل آلة صناعية ونشرته جريدة "ذا جارديان" في أيلول (سبتمبر) من 2020 وكان عنوانه "هل أنت خائف بعد، يا بشري"؟