نحن نثق بالدولار «2 من 2»

الولايات المتحدة، التي كانت دائما مصدرا صافيا للمعادن والسلع الزراعية، أصبحت الآن أيضا مصدرا صافيا للطاقة ـ ويرجع الفضل في ذلك جزئيا إلى تكنولوجيا التكسير الهيدروليكي.
ولعل التفسير الأكثر أهمية لارتفاع قيمة الدولار هو أن اتساع فارق أسعار الفائدة بين الولايات المتحدة وغيرها من الدول الكبرى، يجعل الأصول في الدولار أكثر جاذبية للمستثمرين العالميين. واستجابة للتضخم، قام بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة الأمريكية بسرعة أكبر مما فعل البنك المركزي الأوروبي، بما في ذلك أثناء اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية هذا الأسبوع. وفي الوقت نفسه، يتردد بنك اليابان في الابتعاد عن سياسته النقدية شديدة التيسير، واستمر في الاحتفاظ ليس فقط بأسعار فائدة قريبة من الصفر على المدى القصير، لكن أيضا بأسعار فائدة طويلة الأجل.
علاوة على ذلك، وفي ظل ارتفاع المخاطر العالمية، يظل الدولار ملاذا آمنا للمستثمرين القلقين. وبناء على حجم تداول العملات الأجنبية وتكوين احتياطيات النقد الأجنبي، لا يزال الدولار العملة العالمية الرائدة. ويتخلف اليورو والين والجنيه واليوان كثيرا عن الركب.
يحمل ارتفاع سعر الدولار مزايا وعيوبا بالنسبة إلى الولايات المتحدة وغيرها من الدول. بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فإن هذا من شأنه أن يساعد على خفض معدلات التضخم، لكنه قد يتسبب أيضا في فقدان القدرة التنافسية للصادرات. وبالنسبة إلى الدول المتقدمة الأخرى، قد يعني ارتفاع قيمة الدولار زيادة القدرة التنافسية التجارية، لكنه يعني أيضا ارتفاع معدلات التضخم.
من ناحية أخرى، يتعين على عديد من الدول النامية ـ حتى الدول المصدرة للسلع الأساسية التي تستفيد عادة من ارتفاع أسعار السلع الأساسية العالمية ـ مواجهة التحدي المتمثل في عدم تطابق العملات. أما بالنسبة إلى الدول التي تتكبد ديونا مقومة بالدولار، فإن ارتفاع قيمة الدولار يعني ارتفاع تكاليف خدمة الديون بالعملة المحلية.
قد يشجع الدولار الأمريكي القوي أيضا الدول الأخرى على محاولة تعزيز عملاتها الخاصة. في هذه الحالة، قد يدخل العالم فترة "حروب العملة العكسية". قد تكون هناك دعوات تطالب الحكومات بالتدخل في سوق الصرف الأجنبي لخفض قيمة الدولار مجددا، كما فعلت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا الغربية واليابان عندما أبرموا اتفاق بلازا في 1985.
ومع ذلك، فإن الارتفاع الحالي في قيمة الدولار مدفوع بالقواعد الاقتصادية. ما دام الاقتصاد الأمريكي مجهزا بشكل أفضل للتعامل مع التضخم العالمي مقارنة بشركائه التجاريين، وطالما استمر بنك الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة بسرعة أكبر من قدرة البنوك المركزية الأخرى على رفع أسعار الفائدة الخاصة بها، فمن المرجح أن يظل الدولار قويا.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2022.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي