الصندوق الاستئماني .. صلابة واستدامة
إن الصندوق الاستئماني للصلابة والاستدامة الجديد أصبح جاهزا للتشغيل. وقد أبلغت المجلس التنفيذي أنه في ظل ما قمنا به من جهود لتعبئة الموارد حتى الآن، أصبح الصندوق الاستئماني جاهزا لبدء عمليات الإقراض. وقد وعدنا، وأنجزنا. ولهذا، فأنا أحمل عظيم الامتنان لأعضاء الصندوق على تضافرهم معا وإظهار روح التضامن في فترة مشحونة بتحديات غير مسبوقة. ففي أقل من ثلاثة أعوام، شهد العالم صدمة وراء صدمة وراء صدمة. في البداية، كانت جائحة كوفيد، وبعدها العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، ثم أزمة تكلفة المعيشة التي أعقبتها. وليس هناك زر نضغطه لإيقاف أزمة المناخ ريثما نتعامل مع تلك الأزمات الأخرى.
والصندوق الاستئماني للصلابة والاستدامة هو أول تسهيل ينشئه صندوق النقد الدولي لتوفير التمويل طويل الأجل بتكلفة ميسورة، بهدف دعم الدول في جهودها لبناء الصلابة لمواجهة التحديات الهيكلية - مثل تغير المناخ والجوائح - بما يسهم في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي على المدى الأطول، مع تحفيز التمويل من القطاعين العام والخاص.
وبدعم قوي من دولنا الأعضاء، حققنا الهدف الطموح الذي وضعته اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية ومجموعة العشرين، بجعل الصندوق الاستئماني للصلابة والاستدامة جاهزا للتشغيل في توقيت يقترب من موعد الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي/البنك الدولي لـ2022. ويعني هذا أن المجلس التنفيذي بإمكانه البدء في الموافقة على طلبات الأعضاء للاستفادة من اتفاقات "تسهيل الصلابة والاستدامة"، وإنني أتطلع إلى بدء مناقشة المجموعة الأولى من الطلبات في المجلس التنفيذي خلال الشهور المقبلة.
ووافق المجلس التنفيذي على إنشاء الصندوق الاستئماني للصلابة والاستدامة في نيسان (أبريل) 2022، ليكون بمنزلة ركيزة ثالثة لأدوات الإقراض التي يتيحها صندوق النقد الدولي، إلى جانب حساب الموارد العامة و"الصندوق الاستئماني للنمو والحد من الفقر"، ويتيح تمويلا بأجل استحقاق 20 عاما مع فترة سماح تبلغ عشرة أعوام ونصف العام. وسيدعم الصندوق الجديد الدول منخفضة ومتوسطة الدخل المؤهلة للاقتراض - وهي تمثل نحو ثلاثة أرباع أعضاء صندوق النقد الدولي. وسيعظم الصندوق الاستئماني للصلابة والاستدامة من أثر توزيع حقوق السحب الخاصة الذي تم تنفيذه العام الماضي بقيمة تعادل 650 مليار دولار، من خلال تحويل الموارد من الأعضاء ذوي الاقتصادات الأقوى إلى أكثر الدول احتياجا.
ونقدر لكل من أستراليا، وكندا، والصين، وألمانيا، واليابان، وإسبانيا مساهمتها بموارد جولة التمويل الأولى التي يبلغ مجموعها الكلي 15،3 مليار وحدة حقوق سحب خاصة "20 مليار دولار". وتمثل موارد الجولة الأولى لتمويل الصندوق الاستئماني أكثر بقليل من نصف مجموع التعهدات الحالية التي تبلغ 29 مليار وحدة حقوق سحب خاصة "37 مليار دولار"، المقدمة من 13 بلدا. ومن المتوقع أن يتم تفعيل مزيد من المساهمات في بداية 2023 بمجرد استكمال الدول إجراءاتها الداخلية، وهو ما يضمن للصندوق الاستئماني وضعا ماليا قويا يتيح له تلبية الطلب على اتفاقات التمويل في الأعوام المقبلة. ومن المتوقع أن يقدم مزيد من الدول تعهدات بمرور الوقت، وسنواصل جهود تعبئة الموارد لتوسيع قاعدة المساهمين وضمان امتلاك الصندوق الاستئماني موارد كافية.
وعلى جانب الطلب، أشعر بالتشجيع لرؤية الاهتمام القوي من جانب الدول الأعضاء بالحصول على التمويل من الصندوق الاستئماني للصلابة والاستدامة. ونحن بالفعل في مرحلة متقدمة من المناقشات مع مجموعة متنوعة من الدول حول إجراءاتها المتعلقة بسياسات المناخ. ويعمل صندوق النقد الدولي على بناء خبرته فيما يتعلق بهذه الأداة الجديدة طوال هذه المرحلة الأولية، وستعود الدروس المستفادة من هذه الحالات بالنفع على المجموعة المؤهلة الأوسع نطاقا في المستقبل. ونحن نجري الاستعدادات اللازمة أيضا للإقراض من الصندوق الاستئماني للصلابة والاستدامة، بغية دعم سياسات التأهب للجوائح، من خلال التعاون الجيد مع المؤسسات الدولية الأخرى.