القول «المحكور» في نثر البذور
الأساس في خطاب الجهات الحكومية للجمهور من مواطنين ومقيمين بالبيانات والتحذيرات هو دفعهم للتعاون وذلك بعد إحاطتهم بواقع قضية ما، وربما التنبيه لمستجدات طرأت على أنظمتها، الحرص على حسن الخطاب واختيار المفردات في غاية الأهمية حتى يكون المواطن عاملا مساعدا في تحقيق الهدف الذي تصبو إليه الجهة المعنية.
لاحظ جمهور المتابعين في تويتر خشونة خطاب "حساب" المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي في تعليق له على مقطع فيديو لأشخاص متطوعين يقومون بنثر بذور في مجرى سيل، نشر المركز أن هناك غرامة تصل إلى 20 ألف ريال على نثر البذور في المواقع الخاضعة لإشرافه "داخل أراضي الغطاء النباتي الواقعة تحت إشراف المركز في جميع مناطق السعودية، التي تشمل المتنزهات الوطنية والمراعي والغابات والوديان والروضات والفياض وغيرها"، وغيرها لم تحدد!
ولولا ظهور المقطع لما عرف كثير من الناس أن هناك شرطا للحصول على رخصة نثر البذور، والتقصير هنا على وزارة البيئة بمراكزها المختلفة المعنية بالبيئة.
مؤكد أن هناك عزما على ضبط التجاوزات على البيئة إلا أن لغة الخطاب تحتاج إلى ترشيد، والحقيقة هذه اللغة، التي تعتمد على التحذير والغرامات ليست محصورة في هذا الشأن. من المهم دفع الجمهور للتعاون بتحسين الخطاب الإعلامي، اجعلوا منه شريكا فاعلا، بعدم ترك هذا الخطاب للعناية الآلية أو لاجتهادات علاقات عامة. وفي الوقت الذي تحث وزارة البيئة الجمهور على مراعاة أنظمتها يلاحظ جفوة وجفاء بين مراكزها والمتطوعين المعروفين ممن لهم شأن وباع في التطوع لخدمة البيئة والتوعية بذلك من خلال حساباتهم في منصات التواصل وجهودهم حاضرة من قبل إنشاء هذه المراكز وإعلان أنظمتها، هذه الجفوة أمرها مستغرب فبدلا من أن يكون هؤلاء مع خبراتهم وحماسهم من أدوات تنفيذ وتطبيق الأنظمة والإسهام في التوعية أصبحوا على الرصيف البيئي.
كما أن نظافة البيئة البرية من التلوث أو التعرض لها بما يحدث ضررا، غير محصور في شب النار أو نثر البذور، حيث إن هناك شركات ومقاولين وشاحنات تكب نفايات ومخلفات البناء وبقايا الأسفلت أو الزيوت والمواد الكيماوية، ولا يذكر لهذه المراكز مخالفتها أو إجبارها على تنظيف ما أحدثته من تلوث. أعلم أن الوزارة حريصة على البيئة ومن حرصي على أن يكون لتوجهها نتائج إيجابية وتعاون وتكاتف مع المواطنين أدعوها لترشيد خطابها الإعلامي وإعادة ضبط بوصلته.