الإعلان وسوء النية في التجارة

كان الإعلان محصورا في صحيفة أو بين برامج قناة أو لوحات في الشوارع، ثم تطور الأمر إلى "لفز" المطويات الإعلانية على أبواب المنازل، وصل إلى الباب ولم يكتف بذلك حيث انهمر كالسيول مع تفشي الأجهزة الذكية.
لم يعد أحد بمنأى عن تأثير الإعلان "الصالح والطالح منه" حتى الأطفال ومع التسوق عن بعد ومن خلال التطبيقات والمواقع و.."المشاهير" أصبح تأثيره حادا وطاغيا في زيادة الهوس الاستهلاكي لذلك حينما أشاهد دعوات ومبادرات للادخار وحفظ "الريال" ابتسم بمرارة، فلا يمكن تعويد النشء على الادخار ومعرفة قيمة المال أمام هذا السيل الجارف، تبدو لي هذه المحاولات "الادخارية" متطابقة من ناحية الواقع والنتيجة مع الاهتمام "المنمق" باللغة العربية في يومها في حين أن الحقيقة الناصعة أمامك ومن حولك نقيض ذلك.
في التجارة وتسويق المنتجات والخدمات يخبرك الإعلان عن نوايا من يقف وراءها..، تحتاج إلى كثير من التأمل لتكتشف مستوى مرتفعا من الاستغفال للمستهلك وسوء النية تجاهه دون رادع.
على سبيل المثال:
* في الإعلانات عن التخفيضات على سلعة ما تكتب حروف وأرقام التخفيض الأكبر نسبة بأحرف ضخمة حتى لو كان لسلعة بسيطة وحيدة في حين تختفي النسبة الأصغر بحروف ورقم صغير جدا.
* تسوق الشركة الضخمة صاحب السوبرماركات المتناثرة هنا وهناك عبوات ماء معبأة في معمل صغير مغمور وتضع اسمها البراق عليها، اسم معمل التعبئة يكتب بحروف صغيرة جدا تحتاج معها إلى تلسكوب هابل لقراءتها، طعم الماء يخبرك عن رخص المستهلك لدى الشركة الضخمة.
* ينشر إعلان بصورة مكبرة لمنتج حجمه مهم "كبير صغير" ليؤدي الغرض من استخدامه وبسعر رخيص وحين يقتنيه المستهلك يكتشف أنه صغير وأن الصورة المكبرة ليست سوى حيلة مقرونة بسوء النية.
* استخدام شعار أو علامة تجارية تشابه إلى حد كبير في الألوان والشكل أو التصميم علامة مشهورة تعطي انطباعا للمستعجل أنها تلك وهي ليست كذلك، مثل هذا يكثر في المواد الغذائية.
* إبراز ما يقدم على أنه إغراء للمستهلك أو العميل وربما "شريك النجاح" بحروف كبيرة وإخفاء الشروط المجحفة في لائحة الشروط والأحكام التي لن يقرأها إلا قلة أو لن يقرأها أحد.
ما سبق مجرد أمثلة، ومع التسوق عن بعد يمكن تخيل مساحة التحايل الرحبة.
بت أعتقد أن بعض وكالات الإعلان ومن فيها من مصممين ومعلنين والتاجر الذي تعاقد معهم، قبل وضع خطة حملاتهم الإعلانية شكلا ومضمونا يطرحون سؤالا على أنفسهم يقول:
كيف نتحايل عليهم؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي