«التطنيش» الرقمي
من ضمن مهام هيئة الحكومة الرقمية (قياس أداء الجهات الحكومية وقدراتها في مجال الحكومة الرقمية ورضا المستفيد) وهناك 14 مهمة للهيئة حسب ما ورد في موقعها، لكن أركز هنا على هذه المهمة بين قوسين لكونها لب التطوير والتحسين ورفع الموثوقية والجودة فكلما تحقق رضا المستفيد ثبت نجاح الخدمات في الحكومة الرقمية.
في الحكومة التقليدية أو الورقية كان مصطلح البيروقراطية يطرح للإشارة إلى تأخر وبطء الخدمات "المعاملات" أو تعثرها وربما دورانها بين جهات حكومية تتداخل صلاحياتها ونطاق إشرافها.
في الخدمات الرقمية الحكومية تتوافر سرعة الوصول من المستفيد للجهة وتقديم استفساره أو طلبه خاصة من خلال حساباتها في وسائل التواصل، لكن توافر سرعة الوصول لا يعني الحصول على خدمة حقيقية بل حتى إن التجاوب في وسائل التواصل من تلك الحسابات يبقى في مربع الاستجابة الظاهرية، الرد بنموذج يحمل عبارات لطيفة والإلزام باللجوء إلى "الخاص" بعذر المحافظة على خصوصية المعلومات أو طلب شرح الشكوى، مع أن في بعض الحالات يكون الطلب مشروحا في العام. الزبدة أن هذا الأسلوب أصبح وسيلة "تحييد" للطلبات أو الشكاوى من العام الظاهر لجميع المتابعين إلى الخاص المستور. ويعطي انطباعا عاما مضللا في بعض الحالات أن هناك رد فعل واهتماما بالطلب، مع أنه عند الذهاب للخاص يتحول المستفيد إلى مراجع لموظف آلي ليدور في حلقة مفرغة أو يطلب منه الاتصال بالرقم 9200، وهي "سالفة" رقمية أخرى.
يلجأ بعض المواطنين أو المستفيدين عند عدم تجاوب حسابات العناية بالمستفيدين في "تويتر" مثلا إلى التوجه لحساب الوزير لعل وعسى، عندها يتم التجاوب "الآلي" بتوجيه المستفيد إلى الخاص لكن هذا لا يعني فائدة بالضرورة، وكأن مثل هذه الحسابات مهمتها تنظيف العام من الشكاوى وبعثرتها في الخاص المستور.
هذه حالة تابعتها ولا بد أن مثلها كثير، استفسر أحد المواطنين من حساب العناية بالعملاء لإحدى الوزارات ولم يرد، وفي تغريدة أخرى قام بتوجيه الاستفسار لوزير الوزارة، تم التجاوب من حساب العناية وتحييده بالإحالة إلى الخاص دون رد، تم إشراك حساب المتحدث الرسمي للوزارة طلبا لرد ودون فائدة رغم مرور أيام على هذه "المعاملة" الرقمية.
أعلم أن هيئة الحكومة الرقمية ما زالت في بداياتها، عمرها عامان تقريبا لكن أعتقد أنها بحاجة إلى كثير من العمل والجهد لتحقيق الطموحات والكشف عن مستوى مؤشر "التطنيش" الرقمي.