مواجهة حالات الطوارئ الصحية مستقبلا «3 من 3»

في مختلف أنحاء العالم، ستكون الحوكمة الصحية الصارمة ومؤسسات الصحة العامة القوية، مدعومة بأنظمة قانونية وتنظيمية مستقرة، غاية في الأهمية لضمان اتخاذ القرارات على أساس الأدلة والشواهد والتخطيط للأزمات. وسيتعين على الدول أيضا إيجاد حيز مالي واجتذاب واستخدام الموارد الخارجية على نحو يتسم بالحيطة والحكمة، مع إدراك أن الاستثمار في الأنظمة المتكاملة والقادرة على الصمود سيحقق أكبر أثر ممكن. وتعزز الاستثمارات الأكثر فاعلية من حيث التكلفة وظائف الصحة العامة، وتعزيز الصحة، والوقاية من الأمراض، وخدمات الرعاية الصحية الأولية، ما يقلل إلى أدنى حد ممكن من تعطل الخدمات عند وقوع الصدمات. ومن خلال ترشيد التكاليف المرتبطة بحالات طوارئ الصحة العامة، ستحقق هذه النفقات مكاسب طويلة الأجل.
ويتطلب بناء القدرة على الصمود إقامة شراكات داخل قطاع الصحة وخارجه، والعمل مع المجتمع المدني والقطاع الخاص، اللذين أديا دورا مهما في التصدي لجائحة كورونا. وتشمل الحماية من الصدمات الصحية أيضا تعزيز القدرات البحثية وتبني الابتكار من خلال تسريع وتيرة التكنولوجيات الطبية الجديدة أو توسيع نطاق التكنولوجيا الرقمية في تقديم الرعاية الصحية.
وهذه المهمة ليست سهلة، لكن الأزمات السابقة تعطي دروسا قيمة وتبين ما يمكن تحقيقه. فعلى سبيل المثال، أدى تفشي "إيبولا" في 2014 ـ 2016، الذي أودى بحياة أكثر من 11 ألف شخص في غرب إفريقيا، إلى تسريع وتيرة إنشاء المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها في جميع أنحاء القارة، ما أدى إلى تحسين قدرات المنطقة على المراقبة والرصد.
ومع انحسار جائحة كورونا، ينبغي ألا نترك أنفسنا للتراخي والتهاون. فلقد شهدنا جميعا الآثار المدمرة للجائحة. وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن نحو 15 مليون حالة وفاة زائدة على المعدل المعتاد على مستوى العالم في 2020 و2021 يمكن أن يكون السبب فيها جائحة كورونا، وهو ما قوض أيضا المكاسب التي تحققت بشق الأنفس في مجالات الحد من الفقر والتعليم والصحة والمساواة بين الجنسين.
ويتطلب تعزيز القدرة على الصمود والتأهب اتخاذ إجراءات حاسمة. ومع توقع حدوث مزيد من الأزمات في المستقبل، فإن الدول التي تتخذ الخيارات السياسية الصحيحة من أجل سياسات دائمة ومستدامة ستكون الآن في أفضل وضع لحماية صحة سكانها واقتصاداتها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي