ضبط المحتوى .. بالجملة لا بالتقسيط

قال الدكتور عبداللطيف العبداللطيف الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع، إن حملات التوعية للحد من الاحتيال المالي لا تكفي، وإنهم في الهيئة تواصلوا مع “جوجل” و”تويتر” لإيقاف إعلانات الاحتيال المالي ووجدوا تجاوبا. وهذه خطوة جيدة لكن متى نرى نتيجة هذا التجاوب لتنظيف فضاء المنصات من اللصوص لأن حسابات الاحتيال المالي ما زالت نشطة على “تويتر” وغيره؟
كثير من الخدمات تستغل لاستدراج الضحايا وسرقتهم والإعلانات الاحتيالية تجدها بكثافة وبشكل آلي تبث متعلقة بتغريدات جهات رسمية معلنة توفير خدمات من الاستقدام وغيره، حتى خدمات غير نظامية تعلن استعدادها لإجرائها، كذلك ما زالت رسائل الجوال تستغل للإيقاع بالضحايا مستخدمة أسماء بنوك أو البريد السعودي.
قد لا تكون رسائل الجوال وضبطها تابعة لـ”هيئة المرئي والمسموع”، بل لهيئة الاتصالات التي لم تستطع إيقافها، لكن الاحتيال مستمر ويتطور، والقصد أننا بحاجة إلى جهة واحدة معنية بالاحتيال الرقمي حتى لا يكون في تعدد الجهات مساحة للثغرات ورمي المسؤوليات بين هذه وتلك.
نعم التوعية لا تكفي وهذه مسألة لا تغيب عن الأذهان، فعلى الرغم من أهمية التوعية لا بد من إجراءات استباقية وأساس المشكلة في تزايد الاحتيال المالي كان في تقديري عدم الاعتراف بها في بداياتها وبالمسؤوليات لكل جهة معنية تقدم أو تشرف على هذه الخدمة أو تلك. حيث وضعت المسؤولية بثقلها على المستخدم أو المستفيد وحده وجرى كثير من الحديث عن جهله وعدم “تقدمه” الرقمي! في هروب واضح للأمام ثم كان بطء الاستجابة وعدم وضوح إلى أين يذهب الضحية عند رفع أو محاولة رفع الشكاوى؟ ما وفر مساحة مفيدة للمجرمين في الإيقاع بمزيد من ضحايا الاحتيال المالي حتى تراجعت الثقة بالرقمية.
ضبط المحتوى في وسائل التواصل والمنصات في غاية الأهمية، بل هو ضرورة، فما يبث منها وفيها اكتسح وسائل الإعلام الأخرى وأصبح هو ما يشكل ويلون ويقنع العقول والأدمغة، لذا أتساءل لماذا لم يتم التواصل ـ لغرض ضبط المحتوى واحترام المجتمع ـ أيضا مع منصات اليوتيوب والتيك توك وغيرها؟ لكن تم ذكرها لأنها الأشهر ولأن فيها ما فيها مما لا يخفى وأثره في النشء واقع مر، إذا فالمشكلة غير محصورة في الاحتيال المالي ولها نصيب منه، بل هناك ما هو أشد خطرا وأعمق ضررا في المحتوى غير الأخلاقي المتزايد ومن الواجب التعامل مع المحتوى الاحتيالي والأخلاقي بالجملة لا بالتقسيط.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي