حلاوة العيد

بعد يومين ستحتفل الأمة الإسلامية في جميع أصقاع الدنيا بحلول عيد الفطر السعيد، بعد توديعها رمضان المبارك الذي عاشت نفحاته الإيمانية ولياليه المباركة وحلقت فيها بالذكر والدعاء والبركات. للعيد طقوسه الجميلة حيث يبدأ الاستعداد له بأيام قبل حلوله، فسيدات المنازل يبدأن عمليات التنظيف الشاملة للسجاجيد والمفروشات والأثاث، والتنظيف العميق للمطبخ بعد شهر كامل من "الكرف والنفخ" فيه، والشراء المبكر لملابس العيد قبل أوقات الزحمة وارتفاع الأسعار، والمشاركة في "قطة" العيد بدفع مبلغ معين تتشارك فيه الأخوات وزوجات الأبناء والأمهات لحجز استراحة العيد، يظهرن فيها البهجة مع الأطفال والأقارب وتتخلله بعض الفعاليات المسلية واللطيفة واستعراض أنواع حلاوة العيد التي جلبتها كل واحدة منهن مع القهوة، ثم تناول طعام العشاء والسهر بعدها.
الإشكالية أن البعض يظن أن التكلف الزائد والأشياء الغالية تزيد معدل السعادة والبهجة في العيد، ولذلك يخيم الحزن والاكتئاب على الأشخاص الذين تعيقهم القروض وقلة الدخل والأقساط الشهرية عن شراء كماليات العيد، فيشعرون بالعجز ومجاراة من حولهم من الأقارب والأصدقاء، فيعمد البعض منهم إما إلى الاقتراض وهذا يزيد الطين بلة، وإما إلى الشراء عن طريق الدفعات الميسرة، وهذا سيتسبب في تكدس مزيد من الأقساط، أو بتأجيل فرحة العيد لهم ولأطفالهم والانزواء بعيدا حتى تتحسن ظروفهم.
وكل هذه الحلول ستجلب لهم مزيدا من الإحباط والحزن. إشكاليتنا كبشر أننا نقوم بتعقيد الأمور في المناسبات التي يفترض أن تكون سببا لسعادتنا حين نوهم أنفسنا والآخرين أن فرحة العيد لا تكتمل إلا بإظهار التكلف الزائد والبذخ والتفاخر باستعراض الكماليات، والتسابق لتصوير حلاوة العيد البلجيكية والفرنسية الغالية ومعمول التمر الفاخر وصواني الحلا الفضية والذهبية، وهدايا الأطفال الثمينة وتوزيعات العيد التي تم تصميمها بسعر وقدره. كل ما سبق ليس هو الروح الحقيقية للعيد بل هو مجرد مظاهر لا قيمة لها أمام المشاعر الصادقة التي تتدفق كما النهر حين ترى وجوه من تحبهم في العيد، وحين تشعر بدفء أحضانهم عند السلام، وحين تتزاحم كلمات الشوق والاشتياق والحب على الشفاه، وحين تشعر بارتياحك وسط "اللمة الحلوة". العيد فرحة تسكن القلوب وتترجم على قسمات الوجوه، فلا تصنعوا منه كرنفالا استعراضيا وساحة لاستعراض "هبات" التيك توك.
وخزة
حلاوة العيد باهظة الثمن والهدايا الفخمة والعيديات المبالغ فيها وفلاشات التصوير، ليست هي الروح الحقيقية للعيد، فمتى ندرك أن حلاوة العيد الحقيقية هي أن نعيشه بكل تفاصيله الصغيرة والبسيطة والمفرحة مع "حبايبنا"!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي