التداعيات المعاكسة على الاقتصاد العالمي «2 من 4»

ستعمل البنوك المركزية من كثب مع السلطات الرقابية والتنظيمية لمراقبة تطورات القطاع المالي، والاختيار من بين مجموعة سياساتها الكاملة ما يصلح من أدوات لضمان الاستقرار المالي. ونحن على أتم استعداد لتوظيف سياسات السلامة الاحترازية الكلية في التحوط من المخاطر النظامية، كما سنعمل على معالجة فجوات البيانات والرقابة والتنظيم ذات الصلة في القطاع المالي المصرفي، والقطاع المالي غير المصرفي أيضا، على وجه الخصوص، حيث ينبغي إحراز مزيد من التقدم لمعالجة مواطن الضعف.
وستواصل سياسة المالية العامة الحد من مستويات الدين المرتفعة على المدى المتوسط متى دعت الحاجة إلى ذلك. وسنستمر في دعم الفئات الضعيفة لحمايتها من تداعيات الصدمات العديدة من خلال إجراءات مؤقتة تستهدف المستحقين بدقة دون المساس بآلية الإشارات السعرية، مع ضمان الاستدامة المالية. وسنضمن الاتساق بين موقفي سياسة المالية العامة والسياسة النقدية، مع إيلاء الاهتمام لدور السياسات الهيكلية في تيسير مختلف المفاضلات ذات الصلة، بما في ذلك ما يلزم من إصلاحات داعمة للنمو بهدف تعزيز أسواق العمل، وتحسين مناخ الاستثمار، وتشجيع التنويع الاقتصادي، ودعم استدامة أسواق الطاقة وتسهيل الحصول على منتجاتها بأسعار معقولة. ونؤكد مجددا التزامنا بقضايا أسعار الصرف، والاختلالات العالمية المفرطة، والحوكمة، والبيان الصادر عن اللجنة في نيسان (أبريل) 2021 بشأن النظام التجاري القائم على القواعد الذي أكدنا فيه مجددا التزامنا بتجنب الإجراءات الحمائية.
ولتحقيق ذلك يعد التعاون الدولي وتعزيز العمل متعدد الأطراف أساسا لدعم النمو العالمي، وحماية استقرار النظام النقدي العالمي، ومعالجة المخاطر الصحية المزمنة، ودفع جهود الدعم المتبادل لبناء مستقبل أخضر ورقمي واحتوائي.
ونعمل بقوة على توجيه جهودنا نحو التغلب على أزمة الغذاء، وسينصب تركيزنا على رفع القيود المفروضة على تجارة الغذاء والأسمدة وتشجيع الاستثمار المستدام بغرض دعم الإنتاج وسلاسل القيمة الزراعية في الاقتصادات الضعيفة. وسنواصل دعم الدول الضعيفة في سعيها نحو تلبية احتياجاتها التمويلية ومعالجة مواطن الضعف في هيكل الدين. ومن الضروري تعبئة مزيد من الدعم الميسر لمصلحة الدول منخفضة الدخل. ونؤكد مجددا عزمنا القوي على تسريع وتيرة العمل المناخي تماشيا مع اتفاقية باريس والالتزامات المنصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، آخذين في الحسبان الظروف ذات الخصوصية القطرية. ونتطلع إلى الاجتماع الـ28 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، الذي نعقد عليه أملا قويا في ضمان تحقيق تحول عاجل وسلس وعادل إلى عالم ذي انبعاثات صفرية صافية.
ونعتزم استخدام مزيج من السياسات يضم جميع الأدوات الفاعلة المتاحة، التي تراوح بين تدابير المالية العامة والإجراءات السوقية والتنظيمية، بما في ذلك أدوات السياسات الفاعلة الهادفة إلى الحد من انبعاثات غازات الدفيئة، مع دعم الفئات الأكثر ضعفا. وندرك حاجة أسواق الطاقة ونظم الطاقة إلى التكيف التدريجي، وضرورة تعزيز دور مصادر الطاقة المتجددة باعتبارها جزءا من مزيج الطاقة، وزيادة الدعم المجتمعي للتحولات الخضراء والمستدامة.
وإلى جانب سياسات المناخ القوية، ندرك أيضا أهمية زيادة التمويل لمصلحة العمل المناخي من جميع المصادر، بما في ذلك من خلال تعبئة الاستثمار الخاص، لدعم جهود التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره. وسنضمن أن يكون لعملية التحول الرقمي دور أساسي في جعل اقتصاداتنا أكثر صلابة وشمولا، مع مراعاة أهمية الصلابة السيبرانية، وحماية البيانات وتبادلها وسهولة نقلها، والتوافق التشغيلي بين الأنظمة. وسنعمل على إرساء منظومة مالية محكمة التصميم لتعزيز المنافسة وتوسيع نطاق الاستفادة من الخدمات المالية، وفق شروط عادلة وشفافة لدعم الشمول المالي وزيادة الإنتاجية... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي