جرح أمي

الجهود التي تبذلها الجهات الأمنية بالتعاون مع جميع القطاعات الحكومية والخاصة في رفع مستوى التوعية والتحذير من المخدرات، تستحق الدعم والمساندة منا نحن المواطنين سواء في المجال الوظيفي أو الأسري، فالمقصد النهائي هو حماية شبابنا من هذه الآفة التي تدمرهم. إعلان الحرب على المخدرات يستدعي منا التطوع الذي لا منة لنا فيه ولا فضل من أجل هذا الوطن العظيم.
بعد نشر مقالي السابق وصلتني رسالة تحمل قصة حزينة لعلكم بعد قراءتها تذكرون تلك الأم بدعوة. تقول صاحبة الرسالة، "توفي والدي تاركا خمسة أطفال أيتام وزوجة شابة لم تتجاوز الـ30 من العمر، لم يكن والدي موظفا بل كان سائق أجرة، وفي الوقت نفسه "يبسط بالخضار"، لذلك اضطرت والدتي للعمل مستخدمة لتتمكن من إعالتنا إضافة إلى صدقات المحسنين. أخي الأكبر كان في الـ13 من عمره حين رحل والدي، بدأ في الانفلات تدريجيا بالسهر مع الأصدقاء. حين أكمل المرحلة المتوسطة ترك الدراسة وبدأ في التمرد وجلب المشكلات وعانت أمي معه كثيرا. شيئا فشيئا كان مستوى عصبيته يزيد فبدأ في رفع صوته على والدتي وعدم احترامها، كما أصبح عنيفا مع إخواني يضربهم لأدنى سبب، كان يطلب النقود باستمرار غير مهتم بالحالة المادية للأسرة ولا بإرهاق أمي من العمل. في الـ20 من عمره تحول إلى وحش بمعنى الكلمة أي طلب لا يلبى له كان يلجأ إلى العنف والضرب، فتحولت حياتنا معه إلى جحيم. زرع فينا الخوف والكراهية نحوه واكتشفنا أنه مدمن مخدرات حين ترفض والدتي إعطاءه المال يكسر الأثاث ويتطاول عليها بالضرب وبأقبح الألفاظ، وكم كانت تنام ودموعها على خدها قهرا منه. مضت الأعوام وأمي تكافح في هذه الحياة مرارة الظروف والعمل الشاق وإدمان أخي الذي جعلها تبدو وكأنها في الـ70. ذات ليلة طلب المال من أمي ولم يكن معها شيء فضربها بعنف ثم أخذ سكينا من المطبخ وحاولنا منعه فطعنها في فخذها، ما جعلها تنزف بغزارة. في المستشفى تمت خياطة جرحها بـ20 غرزة ورفضت توجيه الاتهام إليه لكن بعد هذه الحادثة بدأت صحتها النفسية والجسدية تتدهور، توفيت والدتي وهي في الـ52 من عمرها وأثناء تغسيلها شاهدت وشقيقاتي جرحها العميق، فأقسمنا ألا نسامح أخي على ما فعله فيها.
عشرة أعوام مرت على وفاة والدتي. أقلع أخي عن المخدرات وتوظف وتزوج، ولكن أنا وإخوتي لم نتمكن من تجاوز ما فعله بوالدتي من عنف وضرب وقهر وحزن حتى ماتت بحسرتها فقطعنا كل صلتنا به.
وخزة
بعض الجراح مهما حاولت علاجها لا تشفى!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي