إعلان جدة .. قمة الوفاق والاتفاق العربي
وسط أجواء تفاؤلية وتوافقية وتعويل على أن تنعكس نتائجها إيجابا على معظم الملفات الساخنة، اختتمت القمة العربية الـ32، التي أقيمت في مدينة جدة أخيرا، واعتمد مجلس الجامعة العربية على مستوى القمة "إعلان جدة"، بحسب ما أعلن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد اعتماد القرارات الصادرة عن القمة ومشروع جدول الأعمال و"إعلان جدة"، بصفته رئيسا للقمة.
اتفق القادة العرب في البيان الختامي للقمة العربية العادية في دورتها الـ32، على ضرورة التكاتف لحل قضايا الأمة، وعلى رأس تلك القضايا كانت قضية الشعب الفلسطيني ودعم المبادرة العربية لحل الدولتين والأزمات المستجدة في السودان وليبيا، فضلا عن قضايا اليمن وسورية ولبنان.
كما شدد البيان على الرفض التام للميليشيات والكيانات المسلحة خارج نطاق الدولة وتوحيد المواقف في علاقات الدول العربية بمحيطها الإقليمي والدولي، متضمنا أكثر من 32 بندا لمختلف القضايا الملحة في العالم العربي، بدءا من القضية الفلسطينية والأزمة السورية والوضع اللبناني، مرورا بالملف الإيراني، وصولا إلى قضايا البيئة والأمن السيبراني، والملفات الاقتصادية والاجتماعية.
بدورها، أكدت الجامعة العربية في بيانها مركزية القضية الفلسطينية للأمة العربية جميعا، والهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة، عاصمة دولة فلسطين، وحق دولة فلسطين في السيادة المطلقة على أرضها المحتلة عام 1967 كافة، بما فيها القدس الشرقية، وأهمية تفعيل "مبادرة السلام العربية"، كما طالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني ووضع حد لسياسة الاستيطان الإسرائيلي.
أما على صعيد الملف اللبناني، حث البيان السلطات اللبنانية على مواصلة الجهود لانتخاب رئيس للبلاد، وتشكيل حكومة في أقرب وقت ممكن، وإجراء إصلاحات اقتصادية للخروج من الأزمة الخانقة، التي تعصف بالبلاد، منذ أعوام بعد تعطيل مؤسسات الدولة والسيطرة عليها من قبل الميليشيات.
فيما يتعلق بالملف السوري، فقد شددت مسودة البيان على تجديد الالتزام بالحفاظ على سيادة سورية ووحدة أراضيها واستقرارها، وتكثيف الجهود لمساعدتها على الخروج من أزمتها، وإنهاء معاناة الشعب السوري، بعد أكثر من عقد على الأزمة التي عصفت بالبلاد جراء الربيع العربي، الذي أطاح بأنظمة عدد من الدول العربية، كما رحب البيان بعودة سورية إلى الجامعة العربية، ومثمنا جهود السعودية لإعادتها إلى الجامعة العربية، وبالانتقال إلى الوضع في السودان، تم تأكيد التضامن الكامل في الحفاظ على سيادة واستقلال البلاد ووحدة أراضيها، ورفض التدخل في شؤونها الداخلية باعتبار الأزمة شأنا داخليا، والحفاظ على المؤسسات، مع دعوة أطراف النزاع إلى التهدئة وتسوية الأزمة، لإنهاء معاناة الشعب السوداني، كما دعا الأشقاء في السودان إلى تغليب مصلحة الوطن والاحتكام للحوار، وتجنب الانزلاق إلى دوامة العنف.
ليبيا كانت حاضرة في البيان، الذي أكد الالتزام بوحدتها وسيادتها وسلامة أراضيها، مع كامل الرفض لجميع أنواع التدخل الخارجي بشؤونها الداخلية، والامتناع عن التصعيد الداخلي بين أطراف النزاع، مع التشديد على أهمية تسوية الصراعات الداخلية.
اليمن، تحدث البيان عن الالتزام بوحدة وسيادة البلاد، وتأكيد استمرار دعم الحكومة اليمنية الشرعية بقيادة مجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد محمد العليمي، وتعزيز دوره ودعمه، وتقريب وجهات النظر بين أبناء الشعب الواحد، وتسوية النزاع الداخلي في البلاد.
الموقف الداعم للصومال، دفع البيان إلى دعم جهود الحكومة الصومالية في حربها الشاملة ضد الإرهاب، ولا سيما حركة الشباب، بهدف القضاء عليها، والإشادة بالجيش الوطني الصومالي.
كما شدد البيان كذلك على التأكيد المطلق بسيادة دولة الإمارات على جزرها الثلاث "طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى".
وفيما يخص الملف الإيراني، رحب البيان بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين السعودية وإيران في بكين، الذي يتضمن استئناف العلاقات الدبلوماسية، وإعادة فتح بعثاتهما، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين، أما عن تركيا، فقد أدان البيان توغل القوات التركية في الأراضي العراقية، مطالبا الحكومة التركية بسحب قواتها دون شروط.
وفيما يخص مكافحة الإرهاب، أدان البيان كل أشكال العمليات الإجرامية التي شنتها المنظمات الإرهابية في الدول العربية والعالم، ودعت الدول العربية التي لم تصادق على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب إلى التصديق عليها.
تفاصيل كلمة رئيس قمة جدة الـ32..
قال الأمير محمد بن سلمان رئيس القمة العربية للدورة العادية الـ32، "نؤكد للدول الصديقة في الشرق والغرب أننا ماضون في السلام"، ومشددا بالقول، "لن نسمح بأن تتحول منطقتنا إلى منطقة صراعات"، مؤكدا أن القضية الفلسطينية كانت وما زالت قضية العرب المحورية، آملا بأن تشكل عودة سورية إلى الجامعة العربية نهاية لأزمتها، مرحبا بحضور الرئيس السوري بشار الأسد.
كما أعرب ولي العهد رئيس مجلس الوزراء عن أمله بأن تكون لغة الحوار هي الأساس في السودان، معربا عن ترحيب المملكة بتوقيع طرفي النزاع في السودان على إعلان جدة، آملا بأن تتوصل مباحثات جدة إلى وقف فاعل لإطلاق النار في السودان، مضيفا "يكفينا مع طي صفحة الماضي تذكر أعوام مؤلمة من الصراعات عاشتها المنطقة.. تكفينا الصراعات التي عانت منها شعوب المنطقة وتعثرت بسببها التنمية"، مؤكدا أهمية حل الأزمة في أوكرانيا سلميا.
وقال رئيس قمة جدة، "نجدد تأكيد موقف المملكة الداعم لكل ما يسهم في خفض حدة الأزمة في أوكرانيا، وعدم تدهور الأوضاع الإنسانية، واستعداد المملكة للاستمرار في بذل جهود الوساطة بين روسيا الاتحادية وأوكرانيا".الحدث الأبرز في القمة..
مثل حضور الرئيس السوري بشار الأسد بعد قطيعة لأكثر من عقد من الزمان الحدث الأبرز في القمة، ليكشف عن الدور السعودي الكبير في توحيد المشهد العربي، وتصفية القضايا العالقة بين الدول العربية وإعادة توحيد الصف العربي الواحد. بدوره، قال الرئيس السوري خلال القمة العربية في جدة أخيرا، "نحن أمام فرصة تاريخية لإعادة ترتيب أوضاعنا"، مشيرا إلى أن الأمل يتزايد مع التقارب العربي العربي والانطلاق لمرحلة جديدة من العمل المشترك.
وقال الرئيس الأسد خلال كلمته في افتتاح القمة، "نعقد هذه القمة في عالم مضطرب، فإن الأمل يرتفع في ظل التقارب العربي - العربي، والعربي الإقليمي والدولي الذي توج بهذه القمة"، والتي نأمل في أن "تشكل بداية مرحلة جديدة للعمل العربي للتضامن فيما بيننا للسلام في منطقتنا للتنمية والازدهار بدلا من الحرب والدمار". وأضاف، "نحن اليوم أمام فرصة تبدل الوضع الدولي الذي يتبدى بعالم متعدد الأقطاب، عادا أنها فرصة تاريخية لإعادة ترتيب شؤوننا بأقل قدر من التدخل الأجنبي، وهو ما يتطلب إعادة تموضعنا في هذا العالم الذي يتكون اليوم، لكي نكون جزءا فاعلا فيه مستثمرين في الأجواء الإيجابية الناشئة عن المصالحات التي سبقت القمة وصولا إليها اليوم".
ضيف شرف القمة..
ثمن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، خلال كلمته كضيف شرف في اجتماع القمة العربية الـ32 في جدة، الوساطة السعودية للإفراج عن الأسرى. وقال زيلينسكي إن ما يحدث في بلاده حرب وليس مجرد نزاع، وإن بلاده لم تختر الحرب ولم تنخرط في أي أعمال عدائية في أراضي دول أخرى. وأكد الرئيس الأوكراني، أمام القمة العربية، أن "أوكرانيا لن تخضع أبدا"، مشيرا إلى أن كل من يدافع عن أرضه يسير على طريق العدالة.
وقال زيلينسكي، "أنا هنا حتى يتمكن الجميع من إلقاء نظرة صادقة، بغض النظر عن مدى صعوبة ذلك"، مبينا أن أولوياته في الزيارة ستكون "تقديم صيغتنا للسلام التي يجب أن يشمل تنفيذها أكبر عدد ممكن من الدول"، إضافة إلى حماية مسلمي أوكرانيا في منطقة القرم التي ضمتها روسيا في 2014.