دور الحكومة في قيادة عملية الابتكار «3 من 4»

يقول الخبير الاقتصادي دياموند، "لن يكون بمقدور صناع القرار في الحكومة التعمق في المشكلات، أو الحصول على المعلومات التفصيلية اللازمة، أو اتباع حدسهم للتوصل إلى حلول فاعلة".
وقد يكون ألبرتو مينجرادي، من أكبر منتقدي مازوكاتي، وهو من مؤرخي الفكر السياسي، ومدرس في المعهد الجامعي للغات الحديثة في ميلانو والمدير العام لمعهد برونو ليوني في ميلانو الذي يعد من المؤسسات البحثية التي تتبنى فكر السوق الحرة. وفي 2015، نشر نقدا من 23 صفحة لكتاب The Entrepreneurial State وضمنه قائمة مراجع شملت 32 مرجعا وكتب يقول، "إن الشواهد التي تسوقها مازوكاتو غير دقيقة، كما أنها لم تثبت أن التدخلات الحكومية التي تشيد بها استهدفت عن قصد تحقيق النتائج التي نشأت عنها".
ويقول في مقابلة معه، اعتراضي هنا نابع من أن فكرتها الأساسية التي يقوم عليها كتاب The Entrepre neurial State توحي بأن الاستثمارات العسكرية في التكنولوجيا نشأت عنها آثار إيجابية غير مباشرة في الاقتصاد المدني. لكنها تزعم أن هذه ليست آثارا إيجابية غير مباشرة ولكنها نتيجة سياسات موجهة، ولا تسوق ما يثبت هذه الأطروحة".
وترد مازوكاتو بأن هؤلاء النقاد يتجاهلون تاريخ الحكومة في دعم التكنولوجيات الجديدة في المراحل المبكرة عالية المخاطر، فقد اعترف ستيف جوبز مؤسس شركة أبل، وبيل جيتس مؤسس شركة مايكروسوفت، بأنهما اعتمدا على التطور التكنولوجي الذي حققته المنظمات الممولة من الحكومة. وكان قد تم إنشاء وكالة مشاريع البحوث المتطورة الدفاعية DARPA التابعة للحكومة الأمريكية منذ 62 عاما لتحمل المخاطر ذات الصلة، وأرست جهودها البحثية الأساس الذي يقوم عليه جزء كبير من تكنولوجيا المعلومات والإنترنت في الوقت الحالي.
وتقول مازوكاتو، "إذا لم يكن بإمكان الحكومة اتباع الحدس والاستفادة من الاكتشافات كيف يمكن تفسير قيام الحكومة الأمريكية بإنفاق مليارات الدولارات لإنشاء نظام تحديد المواقع العالمي، وذلك قبل فترة طويلة من استخدامه لدعم شركات سيارات الأجرة التي تبلغ قيمتها مليار دولار؟"، وتضيف قائلة، "إذا كانت شركة أوبر مثالا حيا على الفوضى الخلاقة، كيف يفسر اعتمادها التام على ابتكار مدعوم ومطور بالكامل من جانب الحكومة؟". وترفض مازوكاتو أيضا فكرة مناصرتها للتخطيط المركزي.
وتقول، "عوضا عن ذلك، ينبغي أن توجه الدولة الاقتصاد ــ مع تنفيذ الاستثمارات اللازمة في مرحلة مبكرة، وإدارة هذه العملية لضمان مصلحة المواطنين. ويعني ذلك ضمان عدم سوء استغلال براءات الاختراع، وتحديد أسعار الأدوية على أساس حجم التمويل العام المستثمر فيها حتى لا يتحمل دافعو الضرائب التكلفة مرتين. ويتطلب ذلك، في رأيها، تنفيذ سياسات تهدف إلى تشكيل السوق لا إلى إصلاح السوق.
وتقول مازوكاتو عن سبب تأليف كتاب The Value of Everything "على الرغم من أن أفكاري في كتاب The Entre preneurial State انتشرت على نطاق واسع، وأدت في نهاية المطاف إلى تغيير حقيقي في السياسات في دول عديدة، كان لا بد من التطرق مباشرة إلى المبادئ الأساسية التي تحدد الطرف المسؤول عن صنع الثروة، ولا سيما تداعيات النظرية الاقتصادية الأساسية حول ماهية القيمة".
أبرزت الجائحة هذه القضية بشكل حاد نظرا إلى أن عديدا من العاملين الأكثر أهمية على الإطلاق -بدءا من موظفي محال البقالة حتى سائقي توصيل الطلبات والممرضين والمساعدين في المستشفيات- هم أيضا من بين الأقل أجرا. ووفقا لمازوكاتي يعكس ذلك في جانب منه بعض الاختلالات المحاسبية في الاقتصاد، فالخدمات المالية تدخل في حساب إجمالي الناتج المحلي بسبب الرسوم المتولدة عنها على الرغم من أنها لا ينشأ عنها أي جديد، لكن من الصعب عزو قيمة لنظم الصحة أو التعليم العامة السليمة.
وتضيف قائلة، "يجب أن نقدر قيمة القطاعات الأساسية في الاقتصاد، وأن نوفر لها الموارد اللازمة. فهذه العمالة لم يكن لها نصيب من القيمة المحققة، حيث توقف نمو الأجور الحقيقية بينما استمر نمو الإنتاجية". وتشير في كتابها الثاني إلى أن الاقتصاد الأمريكي تضاعف حجمه ثلاث مرات، بينما لم يطرأ أي تغير يذكر على الأجور المعدلة لاستبعاد أثر التضخم طوال العقود الأربعة الماضية... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي