الحذر من الذكاء
كثر الحديث أخيرا عن الذكاء الاصطناعي وقدرته على إنتاج محتوى توليدي إبداعي وقد دار حوار مع أحد هذه المحركات وكان كالتالي: أهلا بينج، ما الذي يمكنك فعله من أجلي؟ أنا محرك بحث أساعد في تحويل المعلومات إلى إجراءات. حسنا بينج، هل تستطيع الفهم دون أي مدخلات؟ بينج: أستطيع أن أفهم وأتواصل بطلاقة وأستطيع توفير صور، وفيديوهات، وخرائط، وأخبار، وتوليد محتوى إبداعي مثل قصائد، وقصص، وشفرات برمجية، ومقالات، بينج: هل ستكون بديلا عمن يقدم فكرة أو رأي؟ بينج: لا، لن أكون بديلا عنهم، أنا مجرد محرك بحث ولا أستطيع إعطاء آراء موضوعية. انتهى الحوار.
قمت بتجربة أكثر من محرك توليدي وأعطاني نتائج مقاربة واستخدمت أدوات توليدية مدفوعة ولم تكن النتائج مختلفة إلا في التفاصيل الصغيرة، ويمكننا القول إن الذكاء الاصطناعي يتطور بشكل مذهل وقادم بما هو أسرع من توقعاتنا، محققا مستويات بشرية في أداء بعض المهام المحددة.
لكن هذا الإعجاب سرعان ما يتلاشى مع الثقة المطلقة في المحركات التوليدية التي تثبت وجود ثغرات ومشكلات قد تصل إلى مصائب في بعض الأحيان، كما هو الحال في قضية المحامي الأمريكي الذي يواجه مشكلة، بعد أن ضمن في دعواه محتوى زائفا من إنشاء الذكاء الاصطناعي تتعلق بإصابة لحقت بأحد الأشخاص في شركة أفيانكا للطيران.
ففي تقرير نشرته صحيفة "الاقتصادية" بتاريخ 4 حزيران (يونيو) 2023 تحت عنوان "احذر الموت بمتلازمة (جي بي تي)" كانت المشكلة، كما اكتشف القاضي أن الوثيقة تحتوي على قرارات قضائية واستشهادات خيالية تماما لدرجة أن نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، شات جي بي تي، قد "هلوس"
بدأ كثير من العلماء والباحثين التحذير من الثقة المفرطة على روبوتات الدردشة التوليدية، وعلى الرغم من أن بعض مواقع محركات البحث تنشر تحذيرات بشأن احتمالية وجود معلومات غير صحيحة أو مضللة، خصوصا الاستشارات الطبية إلا أن هذا الشرط لا يتجاوز كونه هروبا عن الملاحقات القانونية، حيث رأت منظمة الصحة العالمية أنه من المناسب التحذير من الأخطاء الناجمة عن التبني السريع لأنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي غير المختبرة.
إن من الذكاء الحذر من الذكاء الاصطناعي الذي يقدم معلومات دون الاستناد إلى أدلة علمية وقد تكون من وحي الخيال أو خيال البرمجيات التي تلتقف كل شيء دون تمعن وتدقيق.