صفقة الديون الأمريكية الكارثية «2 من 2»
صحيح أن مسألة الديون قد يتم حلها في النهاية في المحكمة، لكن ماذا بعد؟ إذا قرر بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا، أو إذا أمرت المحكمة بذلك، فقد ترتد بعض شيكات الخزانة هذه، لتصبح مطالبات غير مضمونة على الخزانة. وإذا رفضت البنوك احترام هذه الشروط، فكم من الوقت قد يستغرق الأمر قبل أن يوجه بنك الاحتياطي الفيدرالي "بقيادة جمهوري" مناشدة يائسة إلى الكونجرس لحل "الأزمة"؟ أظن أن هذا سيحدث قبل افتتاح الأسواق في اليوم التالي.
إذا تسبب خرق سقف الدين في حدوث "كارثة" بالفعل، سيتم إلقاء اللوم على أولئك الجمهوريين الذين بالغوا في الأمر، وكانوا على الأرجح سينسحبون. وإذا ما اختاروا، على عكس المنطق، الانتحار السياسي، فهذا أفضل بكثير بالنسبة إلى الديمقراطيين. كانت لدى البيت الأبيض حلول قوية في كلتا الحالتين، ومع ذلك استسلم. يبدو أن مستشاري بايدن لم يهتموا بشكل خاص بالتنازلات المقدمة في الصفقة، وأن بعض الأشخاص على الأقل لديهم سبب اقتصادي قوي لتجنب تداعيات "التخلف عن السداد".
دعونا ندرس هذا السيناريو. لنفترض أن قوات مكارثي صمدت، ولم يستسلم بايدن، وأصدر بنك الاحتياطي الفيدرالي عمليات السحب على المكشوف، واستمر الجمود السياسي. حتى في ذلك الحين، كانت الحياة ستستمر بشكل طبيعي، باستثناء أن سندات الخزانة مستحقة الدفع سيتم سدادها نقدا، لأنها لن يتم تجديدها بعد الآن. وبطبيعة الحال، قد لا يرحب حاملو السندات بهذه الخطوة، وقد يستخدمون أموالهم لشراء شيء آخر. وكما حذرت هيلاري كلينتون في صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن قيمة الدولار الدولي ستنخفض، ما يعني ضمنا أن النخبة الضئيلة التي تعيش على الدولار العالمي ستتلقى الضربة الأكبر.
وبالنسبة إلى بقية البلاد، سيكون الوضع مشابها لما كان عليه عندما ألغى روزفلت استخدام معيار الذهب وأطلق الصفقة الجديدة في 1933. ستصبح الصناعة الأمريكية أكثر قدرة على المنافسة، وستبدأ الوظائف الصناعية والتصنيعية بالعودة. وستسنح الفرصة لأمريكا للبدء بإصلاح الضرر الهائل الذي ألحقته شركات التمويل الكبرى والتوسع الإمبراطوري على مدى الأعوام الـ40 الماضية. وعلى الرغم من وجود تكاليف بطبيعة الحال لانخفاض الدولار، إلا أنه تجب موازنة هذه التكاليف مقابل الفوائد. فضلا عن ذلك، يعد ضعف الدولار أمرا حتميا في ظل انتقال العالم تدريجيا إلى التعددية القطبية.
كان سيناريو "الكارثة" سخيفا منذ البداية. في الواقع، كان الأمر يتعلق بطبيعة الحزب الديمقراطي. هل سيستمر في تلبية احتياجات شركات التمويل الكبرى، كما فعل منذ التسعينيات؟ أم أنه سيضطر لتمثيل مصالح ناخبيه ومصالح الشعب الأمريكي؟
إذا أعيد انتخاب بايدن، سيواجه الديمقراطيون في الكونجرس الخيار نفسه مرة أخرى في 2025. يمكنهم الموافقة على مزيد من التنازلات والاختباء مرة أخرى وراء خطاب "التعاون بين الحزبين"، أو يمكنهم أخيرا رفض الخضوع للابتزاز.
وماذا لو هزم بايدن؟ سيفعل الجمهوريون ما يريدون، من خلال استخدام البرامج الفيدرالية، واللوائح، والضرائب، وسقف الديون. لقد جعلت هذه الواقعة الشائنة الأخيرة مثل هذه النتيجة أكثر احتمالا. بعد كل شيء، من يحتاج إلى حزب ديمقراطي لا يدافع عن نفسه أو عن ناخبيه؟
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.