ما هي مخاوف «الفيدرالي»؟
بعدما ثبت الفيدرالي معدلات الفائدة عند 5.25 في المائة وأشار إلى احتمالات زيادة معدل فائدته في نقاشاته المقبلة فما هي مخاوف البنك الفيدرالي الأمريكي عندما اتخذ قرار التثبيت؟ تختلف وتتبدل مخاوفه بحسب الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المحيطة به ويشعر الفيدرالي بالقلق بشأن ارتفاع معدلات التضخم التي قد تؤدي إلى تقليل قيمة الدولار وزيادة تكلفة المعيشة فعندما يرفع الفائدة يتم تقليص السيولة المتاحة في الاقتصاد وبالتالي يتأثر معدل النمو الاقتصادي وقد يزيد من معدلات فرص حدوث ركود اقتصادي.
متوسط معدل التضخم في 2022 بلغ 8 في المائة ومع حالات رفع الفائدة المتواصلة تراجع التضخم من 6.4 في المائة بداية 2023 ليسجل في الشهر الماضي 4 في المائة وعند فائدة لم تتخط 5.25 في المائة ومن المتلازمات الاقتصادية السائدة أن التضخم يصدر للعالم من ثلاث مناطق، أمريكا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي وفي الوقت نفسه تتحرك معدلات التضخم بطريقة تراتبية من واشنطن ثم لندن ويتبعها الاتحاد الأوروبي، إلا أن هذه المرة تراجع التضخم في أمريكا ولا يزال في بريطانيا عند 8.6 في المائة والاتحاد الأوروبي 7 في المائة ومعدل الفائدة في بنك إنجلترا 4.5 في المائة أما البنك المركزي الأوروبي فـ 4 في المائة، أي: إن رحلة تراجع التضخم لا تزال بعيدة إلى حد ما عن الأوروبيين.
بالعودة مرة أخرى إلى الاقتصاد الأمريكي يهتم الفيدرالي بتحقيق التوازن بين الحفاظ على الاستقرار المالي وتعزيز النمو ومحاربة التضخم، لكن هذه المرة هل يمكننا كمراقبين أن نقول إن تثبيت سعر الفائدة كان من أجل الاقتصادات الرئيسة، أي الاتحاد الأوروبي وبريطانيا من أجل تقليص الفجوة التضخمية وسعر الفائدة، إضافة إلى أن الدين الأمريكي من أكبر المخاطر التي يواجهها الفيدرالي حيث يزيد الدين العام على 31.4 تريليون دولار وهذا يمكن أن يؤثر في سعر الفائدة والاستثمار لتنامي خدمة الدين.
أما المستوى الثالث من مخاوف الفيدرالي الأمريكي هو الاقتصاد العالمي حيث يتأثر الاقتصاد الأمريكي بالاقتصاد العالمي ولهذا يشعر بالقلق بشأن الاضطرابات الاقتصادية العالمية وتأثرها بشكل عكسي عليه وفي الوقت نفسه ستواجه الاستثمارات الأمريكية الخارجية مخاطر واسعة حيث يمكن أن يتأثر الاقتصاد الأمريكي بتقلبات الأسواق الخارجية والتغيرات السياسية والاجتماعية في الدول الأخرى.
وفي نهاية المطاف لا يمكننا من المنظور الاقتصادي سوى تأكيد أن حجم الأموال التي وصلت للأسواق الأمريكية بشكل مفرط من صناع السياسات النقدية في واشنطن كانت من أكبر الأخطاء في تاريخ السياسات الاقتصادية التي عززت تكون مجموعات اقتصادية إقليمية لتلافي آثار الدولار السلبية في تجارة الدول وثروات العالم ثم إن ندبات السياسات الاقتصادية الخاطئة لن تزول سريعا حتى إن الاقتصاد الأمريكي اكتوى بها كحالة الاضطرابات التي نالت من القطاع البنكي في أوروبا وأمريكا كنتيجة للسياسات الخاطئة والقرارات المتأخرة.