الهوية الخزامية

ما يدعو إلى الإعجاب في شركة طيران الرياض، ليس قصر الوقت بين إعلان التأسيس وإطلاق الهوية البصرية ــ فقط ثلاثة أشهر ــ وليس سرعة طيرانها دوليا، بل الدخول في سوق استراتيجية وخصبة مليئة بالمنافسين الأقوياء.
إن هذه الجرأة المحمودة في تحول الرؤى إلى حقائق محلقة في عنان السماء تدعو إلى الثقة بأنها ستحتل الصدارة في وقت قريب، مع تأثيرها المباشر في تمكين تحقيق مستهدفات استراتيجية الطيران التي تحتاج إلى أرضية تحقق من خلالها الأرقام الصعبة بحلول 2030.
حينما تقرن الأقوال بالأعمال فإننا نتجاوز التحدي إلى تنفيذه والحلم إلى تحقيقه، فما كان معلنا بالأمس نراه عيانا اليوم، مستهدفات السياحة الوصول إلى 100 مليون سائح ومستهدفات الطيران الوصول إلى 330 مليون راكب بحلول 2030، ولأجل تحقيق ذلك لا بد من أرضية قادرة على دفع هذه المستهدفات إلى الواقع.
الناقل الوطني الجديد سيكون لاعبا مؤثرا في تحقيق هذه الاستراتيجيات، علاوة على أنه يدخل إلى سوق تنمو بشدة في وسط استراتيجي مهم ومركزي يخدم الأسواق الدولية ويقدم فرصة جديدة للمسافرين للتحليق، مع طيران يضع الكرم السعودي الأصيل ضمن أهم قيمه وأولوياته.
الطائرة لا تطير من دون جناحين، لذا فإن ما يدعو إلى الفخر بإزاء الإعلان عن الطيران السعودي الجديد هو قفز المملكة إلى المرتبة الـ14 في مؤشر الربط الجوي الصادر عن "أياتا" بوصفه أعلى مستوى نمو، زيادة على إعلان منظمة السياحة العالمية أن المملكة ثاني أعلى وجهة سياحية نموا، وإطلاق المخطط العام لمطار الملك سلمان والتطوير المستمر في المطارات.
من جانب آخر، فإن المعتاد في إطلاق الهويات للشركات التي تسعى إلى فرض وجود دولي لها أن يكون باذخا ومسرفا إلى حد كبير، وتأخذ الدعاية التسويقية حيزا أكبر من الاهتمام بالنتائج على الأرض أو الخدمات المقدمة، وهذا في مفهوم الاتصال يعد مخاطرة كبيرة في مرحلة نمو الصورة الذهنية، لذا فإن الخطوات التي اتخذتها شركة طيران الرياض كانت متوازنة مع التمرحل في تموضع الشركة محليا وإقليميا، إذا ما علمنا أن الطيران سيعلن أولى وجهاته والبدء في بيع أول تذاكر السفر خلال 18 شهرا، حسب تصريحات توني دوجلاس الرئيس التنفيذي لشركة "طيران الرياض". إن 21 شهرا من التأسيس وإطلاق الهوية الخزامية باذخة الكرم وصولا إلى التشغيل الفعلي لشركة طيران ضخمة يعد أمرا مذهلا وعظيما في تاريخ الطيران وإنجازا يستحق الإشادة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي