ركائز الأمن الاقتصادي «3 من 4»

صدرت أخيرا دراسة تتضمن تحليلا أكثر دقة لأهمية التدخل من خلال السياسات لمواجهة الانقطاعات المحتملة في سلاسل الإمداد "دراسة Grossman، Helpman، and Lhuillier 2023". ويشير المؤلفون إلى إخفاقين سوقيين متقابلين يمكن تصحيحهما من خلال السياسات. فمن ناحية، تجد الشركات حافزا على عدم ضخ استثمارات كافية في صلابة سلاسل الإمداد نظرا إلى ما يتحمله المستهلكون من تكلفة جزئية نتيجة انقطاعات سلاسل الإمداد.
من جانب آخر، فإن الشركات لديها الحافز على زيادة الاستثمارات في صلابة سلاسل الإمداد التي قد تتيح لها الاستفادة من فرص الربح الاستثنائية المقترنة بانقطاعات سلاسل الإمداد. والخلاصة أن أهمية التدخل من خلال السياسات محدودة، وربما ترغب الحكومات في التشجيع على إعادة توطين النشاط، أو الإنتاج في الخارج، أو كليهما، أو تجنب الخيارين.
ويعني ذلك بالضرورة ضعف الحجة للتدخل في سلاسل الإمداد العالمية من خلال السياسات.
والصلابة مرغوبة لكنها مكلفة، ولا يوجد ما يدعو إلى الاعتقاد بأن الشركات دائما ما تكون أقل أو أكثر عرضة من اللازم لأخطار سلاسل الإمداد. لكن علينا أن نقر بأن هذا التحليل يستند إلى بعض اعتبارات الأمن القومي التي تشير إليها المناقشات الجارية حول السياسات. ففي ظروف معينة، يمكن القول إن الشركات لا تراعي العوامل الأمنية الخارجية المرتبطة بأنشطتها التجارية ـ ما قد يبرر حينها التدخل المحدود في سلاسل الإمداد العالمية لمراعاة تلك العوامل.
وتتسق هذه الاعتبارات النظرية إلى حد كبير مع الشواهد المتاحة. فقد أثبتت التجارة العالمية صلابة ملحوظة ـ وكانت أيضا من مصادر الصلابة المهمة ـ أثناء الجائحة والحرب في أوكرانيا. فعقب تفشي كوفيد - 19، تعافت التجارة بعد مرور ثلاثة أرباع على الهبوط الذي شهده الربع الثاني من 2020، وزودت الأسر باحتياجاتها من الكمامات واللقاحات والأجهزة اللازمة للعمل من المنزل لمواجهة حالة الطوارئ التي هددت الصحة العامة.
وبعد عام منذ بداية الحرب في أوكرانيا، لا يزال أداء التجارة يتجاوز التوقعات عقب التراجع المبدئي في بعض المنتجات، مثل القمح. وقد ساعد ذلك على ضمان تجنب نقص الغذاء إلى حد كبير، حتى في الدول شديدة الانكشاف مثل مصر وإثيوبيا وتركيا.. يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي