أسعار الفائدة وأثرها في القطاع العقاري

أسعار الفائدة ما زالت في مستويات مرتفعة ويتوقع زيادات طفيفة بعد محضر اجتماع السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الاتحادي الذي يؤكد العمل على عودة مستويات التضخم إلى النسب المستهدفة وهي 2 في المائة، ما يعني أن بقاء أسعار الفائدة مرتهن بانخفاض حاد للتضخم الذي رغم الانخفاضات التي شهدها إلا أن الأسعار نسبيا تعد مرتفعة مقارنة بالنسب المستهدفة للاحتياطي الفيدرالي، وقد يعني هذا أن تظل نسب الفائدة العالية باقية وقد تتم زيادتها بشكل طفيف هذا العام لمدة قد تمتد لأعوام مقبلة قبل اتخاذ قرار بتخفيضها وذلك بحسب المعطيات التي يمكن أن تصل إليها نسب التضخم، والحقيقة أن رفع نسب الفائدة ينعكس على جوانب كثيرة في الأسواق ولا يقف عند مسألة ارتفاع تكلفة التمويل فقط، بل يتجاوز ذلك إلى أسواق السلع والطاقة والمعادن وغيرها ونلاحظ العلاقة الوثيقة بين الأسواق وبين ما يقرره الفيدرالي الأمريكي، خصوصا أن قرارات الفيدرالي الأمريكي تؤثر في قرار البنوك المركزية حول العالم، ما يعني اتجاها يكاد يكون متشابها للأسواق في العالم، خصوصا أن السلع والمعادن والطاقة كلها تسعر بالدولار الأمريكي، ما يجعل الأثر مباشرا كما يلاحظ المراقب للسوق.
القطاع العقاري ليس استثناء من هذه المعادلة، فالعلاقة بين العقار وأسعار الفائدة وثيقة أيضا من جوانب متعددة، سواء فيما يتعلق بتكلفة التمويل التي تنعكس في نهاية الأمر على أسعار العقارات نفسها، وهذا فيما يظهر أن أثره محدود إذا ما كان تسعير التمويل له علاقة بأسعار الفائدة، أي أنه غير ثابت والسبب في ذلك أن الفترة الزمنية الطويلة للتمويل العقاري يمر خلالها العالم في الأغلب في دورات اقتصادية تتطلب رفع أو خفض أسعار الفائدة وبالتالي المحصلة النهائية ستكون متقاربة لمن يأخذ التمويل في ظروف فائدة منخفضة أو مرتفعة، ولكن الإشكالية في ظل ظروف ارتفاع الفائدة هو أن جهات التمويل يكون لديها تشدد أكبر في التمويل وزيادة في الشروط وقد يؤثر في حجم الطلب في السوق.
من الأمور التي تؤثر في القطاع العقاري مسألة تعدد الخيارات الاستثمارية، حيث إن الذي لديه سيولة في هذه الفترة وفي ظل ارتفاع في أسعار الفائدة يميل إلى الاستثمار في الأدوات منخفضة المخاطر مثل الصكوك الإسلامية التي قد تحقق عوائد مغرية في هذه الفترة، نظرا إلى أنها مرتبطة بشكل مباشر بأسعار الفائدة، ما يعني ارتفاع عوائدها مع كل رفع لأسعار الفائدة، وبالتالي ستتعدد الخيارات لدى المستثمر وهذا قد يحد من حجم الطلب على القطاع العقاري.
من المهم أن ندرك أن الاستثمار في القطاع العقاري متنوع ومتعدد فيوجد القطاع السكني، القطاع التجاري، قطاع التسويق، قطاع التطوير، وقطاع الاستثمار وهناك من يستثمر في التطوير والبيع وهناك من يستثمر في التطوير والتأجير ولذلك تأثير أسعار الفائدة مختلف في كل نوع من أنواع الاستثمارات.
ولذلك لا يمكن أن يكون أثر تغير أسعار الفائدة في القطاع العقاري واحدا إلا أن هناك تأثيرا نسبيا بشكل شامل في السوق العقارية وهذا يمكن أن يظهر في حجم الطلب على السوق العقارية وحجم الصفقات المنفذة وقيمتها في السوق.
من المهم عدم النظر إلى السوق العقارية بالنظر نفسه للأنشطة الاقتصادية الأخرى فهو مختلف عن القطاع الصناعي والتجاري في أغلب صور استثماراته فالتخارج منه أسهل والتحول إلى استثمار آخر غير مكلف على المستثمر فيه وهذه ميزة لهذا القطاع فلا تجد معاناة كبيرة للمستثمرين بوجود تكلفة في التخارج مثل المصانع والمتاجر، الذي يمثل ذلك بالنسبة إليهم خسارة كبيرة فيما يتعلق بالأصول الثابتة، وهذا يعني أن المعروض العقاري قد يتأثر بصورة واضحة خلال هذه الفترات التي يقل فيها الطلب عن الوحدات العقارية الجاهزة، بحيث يتم خفض المعروض أو انخفاض القيمة بسبب انخفاض متوقع لتكلفة المدخلات وتكلفة إنشاء الوحدات العقارية.
القطاع العقاري بلا شك يعد أحد أهم الفرص الاستثمارية في السوق ويمثل حصة كبيرة من الناتج المحلي في المملكة ودول الخليج عموما وتتميز به نظرا إلى النمو الاقتصادي الكبير في هذه الأسواق ومرونتها والحوافز والعوائد التي تتحقق للمستثمرين في القطاع العقاري وغيره في هذه الأسواق.
الخلاصة أن ارتفاع أسعار الفائدة قد يكون له أثر في القطاع العقاري نظرا إلى وجود خيارات أخرى أصبحت جاذبة بصورة أكبر للمستثمرين، وتشديد جهات التمويل فيما يتعلق بالتمويل العقاري لأسباب متعددة، في الوقت ذاته قد يكون رفع الفائدة غير مؤثر في التمويل الذي يمتد لفترات طويلة في ظل أسعار للفائدة متذبذبة نظرا إلى أن الاقتصاد العالمي يمر بدورات اقتصادية تدفع أسعار الفائدة إلى الانخفاض أحيانا وبالتالي تكون التكلفة النهائية متقاربة نسبيا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي