الخضرة والماء والوجه السعودي
قالت العرب قديما: "ثلاثة يذهبن عن المرء الحزن، الماء والخضرة والوجه الحسن" وبعد زيارتي قبل عشرة أيام فعالية تشجير حي الغدير التي يقيمها المشروع المبدع في أفكاره وتنفيذه "الرياض الخضراء"، الذي تشرف عليه الهيئة الملكية للرياض، واطلاعي على الجهود المبذولة في مشروع الرياض الخضراء عامة، حيرني سؤال عن كيفية تأمين المياه لهذا المشروع الطموح، بل لمشاريع السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر الذي تتبنى بلادنا تنفيذها.
قبل أن أتوجه بالسؤال الكبير لأي جهة، جاء الجواب من عراب المشاريع الخضراء، ليس لبلادنا فقط وإنما للعالم العربي والعالم أجمع.
جاء الجواب من الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الذي أعلن تأسيس منظمة عالمية للمياه في الرياض بهدف تطوير جهود الدول والمنظمات وتكاملها لمعالجة تحديات المياه التي برزت في الأعوام الأخيرة. فجاءت مبادرة ولي العهد لتؤكد دور السعودية في التصدي لتحديات المياه حول العالم والتزامها بقضايا الاستدامة البيئية، انطلاقا من تجربة رائدة في إنتاج المياه ونقلها وتوزيعها. وكما ورد في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية، فإن المنظمة ستعمل على تحقيق أهدافها مع الدول التي تواجه تحديات في مجال المياه وتولي المشاريع المتعلقة بها أولوية في أجندتها، إضافة إلى الدول التي تملك خبرات وإسهامات فاعلة في حلول المياه، نظرا لتوقعات تضاعف الطلب العالمي على المياه بحلول 2050 ووصول عدد سكان العالم إلى نحو عشرة مليارات نسمة، وفق التقديرات العالمية.
هذا عن اهتمام السعودية بالمياه على المستوى العالمي. أما محليا فإن هناك استراتيجية وطنية للمياه صدرت 2018 تهدف إلى ضمان الوصول المستدام إلى كميات كافية من المياه في الحالات العادية والطوارئ إلى جانب الإسهام الإيجابية للقطاع في الاقتصاد الوطني من خلال توطين القدرات والابتكار وتعزيز الحوكمة الفعالة.
وعودة إلى مشروع الرياض الخضراء، تم أخيرا تدشين أعمال شبكات بأطوال 1.350 كيلومتر، لنقل 1.7 مليون متر مكعب يوميا من المياه المعالجة لري ما يزيد على 7.5 مليون شجرة في مدينة الرياض.
أخيرا، هذه الجهود الحكومية والمبادرات الرسمية تؤكد دائما أن التنمية تتقدم أسرع وأكثر فعالية إذا توافر لها الإطار الرسمي والرعاية التشريعية والبيئة الداعمة لنموها، لكنها تحتاج إلى إسهام الجميع لتكتمل وتتحقق أهدافها على المدى الطويل وتتحول إلى سلوك مجتمعي وممارسة متأصلة في سكان المدن وإداراتها المحلية، وهو ما يجعلني أقترح إطلاق مبادرة لإشراك السكان في برامج التشجير ووضع تشريع لمعالجة المياه الرمادية البسيطة الناتجة في المنازل يمكن أن يكون لتشجير محيطها تنظيم يحفز على الزراعة حولها باستخدام المياه المعالجة من تلك البيوت وبأساليب ترشيد محكمة، فتنتشر الخضرة وتتحقق الفوائد البيئية وتتأصل هذه الثقافة للأجيال بما يضمن استدامتها. ولعلنا نكون نموذجا حكوميا ومجتمعيا للمنظمة العالمية الناشئة ولنقدم عمليا حلولا للدول التي تعاني شح المياه، إذ إنه وبحسب تقارير الأمم المتحدة لـ2022، فإن ربع سكان الأرض لا يحظون بمصادر آمنة للمياه.
وهكذا فإن السعودية تعمل لإشاعة الخير والسلام في العالم أجمع، وقد اتخذت المياه والتشجير وسيلة لذلك، وأصبحت بلادنا التي تنشر الخير وتدعم التنمية في جميع أنحاء العالم ينطبق عليها قول العرب الأوائل: الخضرة والماء والوجه الحسن، فهي الوجه الحسن إقليميا ودوليا.