اليوم الوطني .. ريادة وإنجاز
كلمات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله ورعاه- توجز مسيرة الوطن الغالي ومكوناته وإنجازاته، فقد "سجل لنا التاريخ الحديث أعظم وأنجح وحدة جمعت الشتات، وأرست الأمن والاستقرار، ووجهت المقاصد إلى بناء دولة عصرية دستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، أساسها المواطن، وعمادها التنمية، وهدفها الازدهار، وصناعة مستقبل أفضل للوطن وأبنائه وبناته".
يحق لنا أن نبتهج ونفرح ونحتفل بهذا اليوم الوطني المجيد، فنحن نحقق الأحلام ونتجاوز الطموحات، ليس بالكلام إنما بالأفعال التي تعكسها ريادة المملكة ومكانتها الدولية على المستويات العلمية والتقنية والثقافية والسياسية والعسكرية. فبناء على مؤشرات الأداء الاقتصادي والتقني لم تعد المملكة فعليا ضمن مجموعة الدول النامية، بل أصبحت عضوا في مجموعة العشرين، وتنافس الدول المتقدمة في مجالات التقنية والحكومة الإلكترونية.
مسيرة طويلة من التطور والنماء بدأت منذ توحيد المملكة على يد المؤسس الملك عبدالعزيز، واستمرت بخطى ثابتة على أيدي أبنائه الملك سعود، والملك فيصل، ثم الملك خالد، فالملك فهد، ثم الملك عبدالله. وتسارعت التنمية في عهد الملك سلمان، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، من خلال قيادة حكيمة ورؤية ثاقبة انعكست في رؤية المملكة 2030 التي تعد أكبر خطة وطنية طموحة للتغيير والنماء، استندت إلى تاريخ المملكة العريق، وثقافتها الأصيلة، وموقعها الاستراتيجي، وقوتها الاقتصادية، وشعبها الطموح، وإمكاناتها الهائلة، لتتمكن من تحقيق تحول اجتماعي واقتصادي رائع لم يشهد له العالم مثيلا خلال هذا القرن، بشموليته الاقتصادية والاجتماعية والصحية والثقافية، فقد حقق الناتج المحلي نموا سريعا. وشهدت البلاد تغيرا رائعا في جودة حياة المواطنين من خلال تعزيز نمط حياة صحي، وتقديم أفضل فرص التعليم والخدمات الصحية للسكان، علاوة على زيادة تمكين المرأة في سوق العمل وسن التشريعات التي تعزز مكانتها وتحافظ على مكانتها الاجتماعية. ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل مكنت مبادرات "الرؤية" من التوسع الكبير في مشاريع إنتاج الطاقة المتجددة، ما عزز دور المملكة الريادي في معالجة التحديات المناخية العالمية والمحافظة على البيئة، والاستثمار في البحث والتطوير والابتكار.
يؤيد ذلك ما أشار إليه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في لقاء عبر قناة "فوكس نيوز" الأمريكية، بأن السعودية هي أعظم قصة نجاح في القرن الـ21، فقد حققت أسرع نمو في الناتج المحلي من بين مجموعة العشرين لعامين متتاليين، وارتفع إسهام السياحة في الناتج المحلي من 3 في المائة إلى 7 في المائة، ولم تتحقق هذه الأحلام إلا لأن الشعب السعودي مؤمن بالتغيير وداعم له.
لا يتسع مقال قصير لعرض مؤشرات الأداء والإنجاز في مجالات كثيرة، لكن سأكتفي بمقتطفات مختصرة من التقرير السنوي لرؤية المملكة 2030. لقد حققت المملكة تقدما في مؤشر الأمم المتحدة لتطوير الحكومة الإلكترونية من المرتبة 44 إلى المرتبة 31 على مستوى العالم. وارتفعت حصة الصادرات غير النفطية من الناتج المحلي غير النفطي من نحو 19 في المائة إلى 25 في المائة. ويواكب ذلك انخفاض في معدل البطالة للسعوديين من 12.3 في المائة إلى 8 في المائة، وارتفاعا في مشاركة المرأة في سوق العمل من 22.8 في المائة إلى 34.5 في المائة. كما انطلقت المملكة في شراكات في مجالات جديدة ونوعية، مثل إنتاج السيارات الكهربائية، ومنح تراخيص لبنوك رقمية ونحوها. يضاف إلى هذه الإنجازات ارتفاع عدد المتطوعين من 23 ألفا إلى 658 ألف متطوع. وفي مجال البحث والابتكار، ارتفع عدد الجامعات السعودية في التصنيف العالمي شنغهاي لعام 2022 إلى 15 جامعة مقارنة بست جامعات في 2018، وتمكنت أربع جامعات سعودية من التسجيل في قائمة الجامعات الـ100 الأكثر تسجيلا لبراءات الاختراع.
ختاما، فإن اليوم الوطني هو الوقت المناسب للتأمل في تراث بلادنا العريق، وطبيعتها الصحراوية الساحرة، وإنجازاتها المبهرة ومكانتها العالمية المتألقة، فوق أرض تسودها العدالة والانسجام والعيش الكريم لجميع أفراد الشعب السعودي ومكوناته. فالشكر لله أولا، ثم للقيادة الحكيمة التي تسعى دوما لرفع جودة حياة الإنسان، وصيانة كرامته، وتمكينه من العيش الكريم. كل عام وأنتم والوطن في خير ونماء وتقدم.