بالأرقام والتقارير الدولية .. الإنجازات السعودية تسابق الزمن
تحتفل المملكة العربية السعودية قيادة وشعبا بمناسبة اليوم الوطني الـ93، هذه الأيام، احتفالاً تستعيد فيه الذاكرة عبق الماضي، ليزدان الحاضر بالأمجاد المتحققة على أيدي الأجداد حتى الأحفاد، وسط تضحيات بذلت من أجل الوطن والبناء للمستقبل، لتتجدد اليوم احتفالات المملكة الوطنية وسط أمن واستقرار، لتحيي ذكرى من بذلوا الغالي والنفيس من أجل رفعة الوطن ونهضته.
في هذه الذكرى الغالية على قلوب أبناء الوطن، نسلط الضوء على الإنجازات المتحققة في المملكة العربية السعودية، بحسب بيانات التقرير، الذي أعدته البعثة الخاصة للبنك الدولي، التي زارت المملكة أخيرا، مقدمة إفادة شاملة عما لاقته من تقدم ملموس في مختلف القطاعات، حيث كان العنوان الأبرز، استكمال أعمال رؤية المملكة 2030 وتحقيق غلة أهدافها المرصودة.
إنجاز السعودية اقتصادياً
أكد خبراء البنك الدولي في تقريرهم الخاص بالسعودية، أن الاقتصاد السعودي يشهد حالة من الازدهار، وتحسنا قويا في مستويات الاستثمار الخاص، من خلال تنفيذ الإصلاحات، حيث بلغ فائض الحساب الجاري أعلى مستوياته خلال عشرة أعوام، كما تمكنت حكومة المملكة من احتواء التضخم.
وأشار الخبراء إلى أن حالة عدم اليقين التي تخيم على الاقتصاد العالمي لم تحد من قدرة المملكة على مواصلة بذل الجهود لبناء مزيد من الاحتياطيات الوقائية وتنويع الأنشطة الاقتصادية، التي ستسهم في مواصلة الإصلاحات المالية مستقبلا، إلى جانب المعايير الدقيقة لبرامج الاستثمار، من خلال دورها في تعزيز الاستدامة المالية العامة، في الوقت الذي سيساعد فيه تنفيذ خطة الإصلاحات الهيكلية على تحقيق نمو قوي وشامل وأكثر استدامة.
آخر التطورات الاقتصادية
خلال عام 2022، كانت المملكة العربية السعودية الأسرع نموا بين اقتصادات مجموعة العشرين، وبلغ النمو الكلي 8.7 في المائة، بفضل قوة الإنتاج النفطي، كما بلغ نمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي بنسبة 4.8 في المائة، حيث عبر الناتج المحلي عن صلابة مستويات الاستهلاك الخاص والاستثمارات الخاصة غير النفطية، بما في ذلك المشاريع العملاقة، التي تشيدها المملكة.
كما شملت المحركات الأساسية للنمو غير النفطي تجارة الجملة والتجزئة وقطاعي البناء والنقل، وبحسب التقديرات، أمكن سد فجوة الناتج خلال عام 2022، ولا يزال الزخم مستمرا خلال عام 2023، حيث تشير التنبؤات الآنية إلى تجاوز النمو غير النفطي 5 في المائة، في النصف الأول من عام 2023.
أما المؤشر الأهم في ازدهار الشعوب عبر عنه تدني معدل البطالة في المملكة العربية السعودية بوصوله إلى مستويات متقدمة، حيث بلغت زيادة نسب المشاركة في القوة العاملة، تراجع مجموع البطالة إلى 4.8 في المائة مع نهاية عام 2022، مقابل 9 في المائة خلال جائحة كوفيد - 19، ما يعكس ارتفاع أعداد العاملين السعوديين في القطاع الخاص، وتزايد العاملين الوافدين مجدداً مقارنةً بمستويات ما قبل الجائحة، ويتركز معظمهم في قطاعي البناء والزراعة.
يواصل الإنجازات السعودية معدلات نمو ملحوظة رغم ما يشهده الاقتصاد العالمي من تراجع في معدلات توفير فرص العمل بمقارنة الأرقام أعلاه بالعامين السابقين، بلغ معدل تراجع بطالة الشباب إلى النصف مسجلاً 16 في المائة في 2022، بينما بلغت نسبة مشاركة الإناث في القوة العاملة 36 في المائة في 2022، متجاوزة نسبة 30 في المائة المستهدفة في إطار رؤية 2030.
ورغم ازدهار النشاط الاقتصادي، لا يزال التضخم منخفضاً، كما يبدو أنه آخذ في التراجع حاليا، ففي عام 2022، سجل متوسط الرقم القياسي لأسعار المستهلك نموا بنسبة 2.5 في المائة، على أساس سنوي مقارن، وأمكن احتواؤه جزئياً بفضل الدعم المحلي وفرض حدود قصوى للأسعار وقوة الدولار الأمريكي.
آفاق الاقتصاد – توقعات إيجابية
أفاد تقرير بعثة خبراء البنك الدولي إلى المملكة بأن التوقعات تشير إلى أن زخم النمو غير النفطي قوي، قد يؤدي إلى خفض الإنتاج بموجب اتفاقية أوبك+ في أبريل 2023 إلى تراجع النمو الحقيقي الكلي إلى 2.1 في المائة، ويتوقع أن يصل متوسط النمو غير النفطي إلى 5 في المائة في 2023، ليظل متجاوزاً لمستواه الممكن بفضل الإنفاق الاستهلاكي القوي والتعجيل بتنفيذ المشاريع ودورهما في تعزيز الطلب.
خلال عام 2023، ستتمكن المملكة من احتواء التضخم الكلي، حيث يبلغ متوسط الرقم القياسي لأسعار المستهلك 2.8 في المائة، ليتجاوز قليلا مستواه في عام 2022، وإن كانت قوة العملة وإعانات الدعم والحدود القصوى على أسعار البنزين توازن الضغوط التضخمية الناتجة عن انحسار حالة الركود في أسواق العمل وازدهار الاقتصاد غير النفطي.
ومن المتوقع تراجع التحسن الهائل في أوضاع الحساب الجاري مع استقرار أسعار النفط وتزايد الواردات بدعم من برنامج الاستثمارات الضخم، وعلى المدى المتوسط، يتوقع تراجع تغطية الاحتياطيات للواردات عن مستواها الحالي بدرجة طفيفة، وإن كانت ستظل أعلى كثيراً مقارنة بمستويات كفاية الاحتياطيات القياسية.
اقرأ أيضاً: اختيار المملكة ضمن الهيئة الاستشارية للذكاء الاصطناعي التابعة للأمم المتحدة
السياسات
سياسة المالية العامة – تواصل الطريق نحو تعزيز الاحتياطيات الوقائية وتحقيق العدالة بين الأجيال، حيث أسهمت ديناميكيات أسواق النفط المواتية في تعزيز وضع المالية العامة، ما أتاح الحيز لتجاوز الإنفاق المقرر في الميزانية المبدئية، وفي 2022، سجلت المالية العامة فائضاً – للمرة الأولى منذ عام 2013 – بما يعادل نصف التوقعات الأولية للخبراء البالغة 5.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، ما يعكس زيادة السلع والخدمات والإنفاق الرأسمالي، وبحسب التقديرات، بلغت المصروفات الإضافية 2.5 في المائة تقريباً من إجمالي الناتج المحلي، وتمثل نفقات استثنائية غير متكررة.
كما يعد الدين العام منخفضاً وفي حدود يمكن الاستمرار في تحملها، حيث بلغ 23 في المائة، من إجمالي الناتج المحلي، مع توافر الحيز المالي اللازم للتصدي للعوامل المعاكسة المحتملة.
ومن شأن قوة الإيرادات غير النفطية وتراجع الإنفاق نتيجة خفض المصروفات الاستثنائية، تحسين العجز غير النفطي، وإن كان سيظل أعلى كثيراً من مستواه في الميزانية، وربما تسهم الزيادة المحتملة في الأرباح الموزعة من شركة أرامكو في تحسين وضع المالية العامة.
وعلى المدى المتوسط، بين خبراء البعثة بأنه سيكون من الضروري مواصلة الضبط المالي لضمان العدالة بين الأجيال، وتشير تحليلات الخبراء إلى أن تجاوز مستويات الإنفاق المقررة حتى 2030، قد يطيل الفترة الانتقالية لحين بلوغ الموقف المالي المرجو على المدى المتوسط لاستقرار نسبة صافي الأصول المالية للحكومة المركزية، كما تؤيد بعثة البنك الدولي خطط السلطات الهادفة إلى مواصلة توخي الحصافة المالية وضبط أوضاع المالية العامة على المدى المتوسط.
السياسة النقدية – إدارة السيولة ودعم نظام ربط سعر الصرف بعملة ارتكاز
أكدت بعثة الخبراء القدرة السعودية على تخفيف أزمات السيولة التي ظهرت في 2022، ومع تجاوز التوسع الائتماني لنمو الودائع، اتسعت الفروق بين سعر الفائدة السائد بين البنوك السعودية وسعر الفائدة السائد بين بنوك لندن على القروض لثلاثة أشهر إلى ما يزيد على 150 نقطة أساس خلال شهري يونيو وأكتوبر 2022، وقد ساعد تدخل البنك المركزي في المرتين على تخفيف ضغوط السيولة مع عودة فروق أسعار الفائدة الطبيعية في الوقت الحاضر إلى متوسطها التاريخي.
ويظل نظام ربط سعر الصرف بالدولار الأمريكي ملائماً نظراً للهيكل الاقتصادي الحالي، فقد عادت هذه السياسة بالنفع على البلاد حيث ساعدت على دعم الاستقرار النقدي، وفي ظل وجود حساب رأسمالي مفتوح، يتوقع أن تواصل أسعار الفائدة الأساسية التحرك اتساقاً مع سعر الفائدة الأساسي في الاحتياطي الفيدرالي، بينما تضمن علاوات المخاطر الوصول إلى مستوى ملائم من فروق العائد لدعم نظام ربط سعر الصرف.
اقرأ أيضاً: مجلس وزارء النقل العرب يحث على الاستفادة من تجربة السعودية في أنظمة التتبع للشاحنات ووثائق نقل البضائع
الإصلاحات الهيكلية – تحقيق نمو قوي ومستدام وشامل
أشار خبراء بعثة البنك الدولي للمملكة إلى تنفيذ خطة الإصلاح في ظل "رؤية السعودية 2030" لا يزال مستمراً دون معوقات نحو تحقيق إنجاز السعودية في مجال اقتصاد منتج وأخضر، حيث أجريت عملية حصر في منتصف الفترة للأهداف المحددة في ظل "رؤية السعودية 2030" أظهرت مدى التقدم على صعيد التحول الرقمي، والبيئة التنظيمية والخاصة بالأعمال، وانضمام المرأة للقوى العاملة، وزيادة استثمارات القطاع الخاص.
وخلصت الإصلاحات في بعض الحالات إلى أنه قد تم بالفعل تجاوز الأهداف المحددة لعام 2030، ويمكن مواصلة تعزيز نمو القطاع الخاص وزيادة الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج، من خلال العمل الجاري لإعطاء دفعة لرأس المال البشري في ظل برنامج تنمية رأس المال البشري، وترشيد الرسوم المتعددة، وزيادة إمكانات الحصول على التمويل، وسن نظام جديد بشأن الاستثمار، وتعزيز الحوكمة.
يتوقع من خطة السياسة الصناعية التي وضعتها الحكومة أن تدعم جهود الإصلاح الهيكلي، وتهدف الاستراتيجية الوطنية للصناعة في السعودية إلى الحد من اعتماد المملكة على النفط، من خلال عمليات التدخل الموجهة وتوفير الحوافز، وإنشاء المناطق الاقتصادية الخاصة.
وبحسب بعثة الخبراء، تعمل الرياض على تقليص المخاطر المقترنة بعمليات التدخل إلى أدنى حد بوسائل منها، التركيز بصفة خاصة على التوجه نحو التصدير، بعد تقييم عملية إنشاء المناطق الاقتصادية الخاصة بانتظام لضمان فاعلية روابطها بالاقتصاد الأوسع، وذلك بوسائل منها النهوض بالمستوى التكنولوجي وتدريب أصحاب المهارات.
كما أشارت البعثة إلى الجهود المتواصلة لمراقبة الحوافز الضريبية، مبدية ترحيبها بخطط الحكومة لإدراج معايير صارمة لإلغاء هذه الإعفاءات، ووضع آليات للعدول عنها، وتطبيق شروط البطلان التلقائي، وربط الحوافز بنطاق زمني محدد.
وسيشكل تحسين كفاءة الاستثمار العام في المملكة قاعدة صلبة، من خلال نظام موحد لإدارة الاستثمارات العامة، ليحظى بأهمية بالغة لضمان استخدام المعايير الدقيقة نفسها على مستوى المملكة كلها بما في ذلك للمشاريع العملاقة، في الوقت الذي تطبق في مبادئ توجيهية شاملة، تتضمن استخدام إطار الحكومة المركزية الجديد لعلاقات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، على جميع المشاريع التي تمول بضمانات حكومية، بالاستمرار في مراقبة عمليات تدخل صندوق الاستثمارات العامة بانتظام، التي تهدف إلى إطلاق أنشطة جديدة، لضمان تأثيرها الحافز وتجنب مزاحمتها لنشاط القطاع الخاص.
إنجاز السعودية على المستوى البيئي
أما على المستوى البيئي، تطبق "مبادرة السعودية الخضراء" مطلباً ضرورياً لتحقيق هدف الانبعاثات الصافية في السعودية، ما دفع البعثة إلى الترحيب بالخطط الجارية لزيادة مصادر الطاقة المتجددة بطاقة إنتاجية إضافية قدرها 2.1 جيجا واط بحلول عام 2024، وتوليد وفورات من خلال البرامج التي تهدف إلى تحقيق الكفاءة (ترشيد).
وبينت البعثة أن المملكة تسعى إلى حصر الكربون، باعتماد تكنولوجيات الاستخدام والتخزين، لجعل المملكة البلد الرائد في تصدير الهيدروجين على مستوى العالم، ومن شأن وضع تفاصيل المبادرات المحددة المرتبطة بكل هدف أن يساعد على تقييم التقدم والتعديل اللازم للحد من الانبعاثات بما يصل إلى 278 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030.
وتهدف المملكة العربية السعودية للوصول إلى مستوى انبعاثات صفرية صافية بحلول عام 2060، وتشير تقديرات خبراء الصندوق إلى أن إلغاء دعم الوقود بحلول عام 2030 سيساعد الحكومة على تحقيق ثلث هدفها لخفض الانبعاثات بحلول 2030.
اقرأ أيضاً: وزير السياحة: نعمل على تمكين القطاع عالميا لتطبيق ممارسات مستدامة للحفاظ على البيئة