تفكيك أخطار الفائدة على الأصول
نظريا أسعار الفائدة المرتفعة قد تقلل من الإنفاق الاستهلاكي والاستثمارات الرأسمالية، وهذا بطبيعة الحال قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، وإذا كان الأفراد يتأثرون بأسعار الفائدة المرتفعة، فالشركات تشعر بالألم عندما يصبح الافتراض أغلى ويتردد المستثمرون في تمويل مشاريعهم الجديدة، ما يضر بنمو الشركات في المستقبل ولا سيما في الأسواق المالية التي تسعر على الربح المستقبلي المتوقع.
هناك فخ قد لا يدركه كثير من غير المختصين في الاقتصاد والاستثمار، وهو أن القوة الشرائية لأموال المدخرين تنخفض مع ارتفاع أسعار الفائدة، أي إن الادخار يصبح سرابا، ولا سيما إذا ما كانت الأموال مجمعة في حسابات جارية لا تعطي عوائد، لذلك على المدخرين النظر إلى العائد الحقيقي وليس الاسمي فقط عندما يستثمرون ويتعين عليهم أن يحصلوا على عوائد أعلى من ودائعهم، لمنع تراجع القوة الشرائية لمدخراتهم، ولهذا تجاهل التضخم والظن بأن العائد الاسمي هو الأهم من عوامل الفشل التي يقع فيها الأفراد عادة.
من المصائد الاقتصادية التي لا يراها كثيرون أن فخ النسبية عند التقييم بين الاستثمارات يمكن أن يكون خادعا، حيث يظهر أنه استثمار جاذب وبعوائد مرتفعة في الوقت الحالي، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنه سيكون كذلك في المستقبل.
لاحظنا في الآونة الأخيرة أن هناك اعتقادا سائدا بين الأفراد بأن كل استثمار بعائد عال يمكن سحبه أو بيعه بسهولة في أي وقت، وهذا غير صحيح وتظهر بوضوح في الأصول العقارية التابعة للأفراد أو الشركات العقارية التي تدار بذهنية الأفراد، وعادة يتبعون ركوب الموضة، أي الظن بأن متابعة الجميع في استثمار معين يضمن الربح، إضافة إلى أننا نرى ثقة زائدة والاعتقاد بفهم جوانب السوق والقدرة على التنبؤ بحركاتها أو وهم السيطرة على السوق، وتأتي مثل هذه الأوهام من خلال الظن أن العوائد الماضية تضمن نتائج المستقبل، ولا سيما من غير المختصين في الاقتصاد والاستثمار، كما أن الانخراط العاطفي والاعتماد على الحدس والأحاسيس بدلا من البيانات وتفسيراتها الصحيحة، من الأمور التي يقع فيها كثيرون وتكلفهم خسائر يصعب التعافي منها أو قد تؤدي إلى الخروج من السوق نهائيا.
في الختام، يظل فهم الأخطار المرتبطة بالفائدة المرتفعة أمرا حيويا لكل من المستثمرين وصانعي القرار في القطاع الاقتصادي، ثم إن فهم كيفية التأثير والتفاعل مع المتغيرات من الأساسيات التي تضمن الاستقرار المالي وتحقيق الربحية، كما أن الاعتماد على الأمور الظاهرية وعدم فهم الجوانب العميقة للسوق، يمكن أن تؤدي إلى قرارات مضللة ويتعين على كل فرد أو شركة أن يحللوا الوضع بعمق ويستعينوا بالخبراء ويتجنبوا الوقوع في فخ الأوهام الاقتصادية، فهذا العالم معقد ومتغير والتكيف مع التغيرات الاقتصادية هو السبيل لتحقيق النجاح والازدهار، ونصيحتي الاقتصادية المباشرة في تفكيك أخطار الفائدة المرتفعة يأتي من خلال زيادة معدل دوران رأس المال والشراء، والبيع بالأسعار الجديدة، فسعر الفائدة إما خصم ربحي وإما خصم خسارة.