تصنيفات الجامعات .. ما لها وعليها

هناك عديد من تصنيفات الجامعات العالمية المتفاوتة في معاييرها، ما ينعكس على نتائج تصنيفها للجامعات، ومن أبرز تلك التصنيفات ما يلي: تصنيف كيو إس للجامعات العالمية QS World University Rankings، ويعتمد على ستة معايير رئيسة بعضها يستند إلى بيانات استبانة عالمية حول السمعة الأكاديمية، ومن المعايير: السمعة الأكاديمية "40 في المائة من الدرجة الكلية"، ثم السمعة في مجال توظيف الخريجين "10 في المائة"، ثم نسبة أعضاء هيئة التدريس إلى الطلاب "20 في المائة"، وبعد تلك الاستشهادات لكل عضو هيئة التدريس "20 في المائة"، فنسبة الطلاب الأجانب، وأخيرا نسبة الأساتذة الدوليين "5 في المائة لكل منهما".
يعد تصنيف تايمز للتعليم العالي Times Higher Education من التصنيفات الشهيرة، ويعتمد على 13 مؤشرا أو معيارا، موزعة على محاور رئيسة، منها: المحور الأول التدريس ويخصص له "30 في المائة"، ويدخل ضمنها السمعة الأكاديمية لأعضاء هيئة التدريس، ونسبة الموظفين إلى الطلاب، ونسبة طلاب الدكتوراه إلى طلاب البكالوريوس، ونسبة طلاب الدكتوراه إلى أعضاء هيئة التدريس، ثم الدخل المؤسسي للجامعة، والمحور الثاني البحوث "30 في المائة"، ويدخل ضمنه استطلاع السمعة، والدخل البحثي، والأوراق البحثية المنشورة لكل عضو هيئة تدريس. والمحور الثالث الاستشهادات العلمية "30 في المائة"، والمحور الرابع التوقعات الدولية "7.5 في المائة"، ويدخل ضمنه نسبة الطلاب الدوليين إلى المحليين، ونسبة الموظفين الدوليين إلى المحليين، إلى جانب التعاون البحثي الدولي. والمحور الأخير دخل الجامعة من الصناعة.
كما يعد التصنيف الأكاديمي للجامعات العالمية ARWU، المعروف بتصنيف شنغهاي، من أكثر التصنيفات شهرة، ويعتمد على ستة مؤشرات، منها: "أولا" الخريجون الذين فازوا بجوائز نوبل وميداليات فيلدز "10 في المائة". "ثانيا" الجوائز وتقاس بعدد منسوبي الجامعة الذين حصلوا على جوائز نوبل في الفيزياء والكيمياء والاقتصاد، وكذلك ميداليات فيلدز في الرياضيات "20 في المائة". "ثالثا" الباحثون الأكثر استشهادا على مستوى العالم "20 في المائة". "رابعا" الأوراق العلمية المنشورة في مجلتي العلوم والطبيعة "20 في المائة". "خامسا" البحوث المنشورة في المجلات العلمية المفهرسة في قواعد البيانات ومؤشرات الاقتباس العلمي المعروفة "20 في المائة". "سادسا" أداء الفرد "10 في المائة".
هناك تصنيفات كثيرة للجامعات لا يتسع المجال لذكرها، ومنها تصنيف ليدن Leiden Ranking، وكذلك تصنيف ويبومتركس للجامعة Webometrics، وغيرهما، إلى جانب كثير من التصنيفات الإقليمية مثل مركز تصنيف الجامعات العالمية CWUR في الإمارات العربية المتحدة.
حول هذا الموضوع، لا بد أن يبرز في أذهان القراء تساؤلات طالما أثيرت في المجالس العامة والخاصة، وبين الأكاديميين أنفسهم، عن مدى الفائدة من التصنيفات؟ وهل ينبغي الاهتمام بها من قبل الجامعات؟ في الحقيقة، لا تخلو هذه التصنيفات من الفوائد التي تعود بالنفع على الجامعات، بل من المؤكد أنها تركت آثارا إيجابية، ومنها: أنها حركت المياه الراكدة، وأذكت روح المنافسة بين الجامعات، بل بين الدول، في إحراز مراتب متقدمة في التصنيفات الدولية المذكورة أعلاه. ولا يمكن إنكار إسهام التصنيفات الدولية في زيادة النشر العلمي، وكذلك براءات الاختراع، إلى جانب محاولة تحسين الأداء في المعايير الأخرى مثل زيادة نسبة الطلاب الأجانب، وزيادة نسبة طلاب الدراسات العليا ونحوها. لكن المغالاة في الاهتمام بالتصنيفات الدولية ربما تكون مسؤولة ولو جزئيا عن الممارسات السلبية والإخلال بأخلاقيات البحث العلمي وخدش نزاهة الممارسات العلمية. فهناك ممارسات غير أخلاقية تبرز في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي من وقت لآخر مثل شراء البحوث أو مشاركة الباحثين المحليين في النشر الدولي المشترك دون مشاركة علمية فاعلة وحقيقية في البحوث المنشورة، ويمتد الأمر إلى اتهام بعض الجهات بالتعاقد مع الباحثين الأكثر استشهادا من أجل رفع مستوى التقييم في التصنيفات فقط. ومن المطمئن أن هذه الممارسات السلبية بدأت تتلاشى في الآونة الأخيرة.
من جانب آخر، يؤخذ على التصنيفات الدولية للجامعات أنها تركز على المؤسسات الكبيرة جدا، وتتحيز نحو العلوم الطبيعية وعلوم الحياة، وكذلك نحو الجامعات التي تنشر باللغة الإنجليزية.
أختتم بالقول إن الاهتمام بالتصنيفات الدولية أمر لا غبار عليه، ولكن ينبغي أن ينظر إلى التصنيفات كنتيجة لجودة الأداء وجودة المخرجات، وليس غاية في حد ذاتها، وبحمد لله، تألقت الجامعات السعودية في التصنيفات الدولية نتيجة زيادة البحوث المنشورة، وارتفاع جودة النشر، وزيادة براءات الاختراع، وتحسن البيئة الأكاديمية، ومن المؤكد أنها ستحقق مستهدفات رؤية 2030 بدخول عدد من الجامعات ضمن أفضل 100 جامعة في العالم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي