كأس العالم 2034 .. الرياضة السعودية من هواية فردية إلى ثقافة مجتمعية

كأس العالم 2034 .. الرياضة السعودية من هواية فردية إلى ثقافة مجتمعية
كأس العالم 2034 .. الرياضة السعودية من هواية فردية إلى ثقافة مجتمعية

لم يكن مستغربا أن تنوي السعودية ترشيح نفسها لاستضافة بطولة فيفا كأس العالم 2034، حيث شهد النصف الثاني من العقد الماضي وبدايات العقد الجاري نهضة شاملة في مختلف المجالات في المملكة، التي جاءت انعكاسا لرؤية 2030، التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد.
ويشكل الترشح السعودي لاستضافة بطولة كأس العالم 2034، قطعة الكرز على قالب الحلوى، التي ستزين الإنجازات السعودية الرياضية، باستضافة هذا المحفل العالمي على أراضي المملكة، لما تحظى به هذه البطولة بمتابعة واسعة عالميا، وانتشار كبير حول العالم.
خلال أقل من عقد من الزمان حققت السعودية نقلة كبيرة على الصعيد الرياضي، لتكون المنافسات الرياضية والترفيهية تأكيدا على مساعيها في تطوير القطاع الرياضي والإنسان، بهدف تحقيق التطلعات المرتبطة ببرنامج جودة الحياة المنبثق عن رؤية المملكة 2030، ليكون الترشح لبطولة الفيفا الأشهر أحد أشكال استقطاب البطولات الرياضية الشهيرة.
بسواعد وعقول سعودية، رسخت السعودية التطور الرياضي الشامل عبر دعمه وتمكينه، من خلال بناء المنشآت الرياضية العملاقة، وإقامة بنية تحتية متكاملة، لتشجيع الإقبال على الرياضة في مجتمع حيوي متكامل، فعلى صعيد رياضة كرة القدم المحلية استقطبت السعودية أبرز نجوم الكرة العالمية والزج بهم في الأندية المحلية، ليصبح دوري روشن السعودي محط أنظار العالم.
تعد بطولة كأس العالم مناسبة عالمية تحظى باهتمام خاص، فمن الناحية الشعبية هي الرياضة رقم واحد، وكل شيء فيها لا يتوقف عند حدود كرة القدم بمفهومها الرياضي، فهي أداة اقتصادية، وفرصة للجذب السياحي، وكذلك وسيلة تعريفية بالثقافة والحضارة، وفكرة للتعبير عن هويات الشعوب.
وترى السعودية في بطولة كأس العالم لكرة القدم 2034، وسيلة قادرة على تغيير العالم نحو الأفضل، فهي أداة متينة لتقوية الروابط الاجتماعية، وتعزيز التنمية المستدامة، من خلال دورها في تمكين الشباب والأفراد والمجتمعات في بلوغ الأهداف المنشودة، للتشجيع على التسامح والاحترام، وتحقيق السلام، وما يترتب على ذلك من مجتمعات تنخفض فيها نسب الجهل، والفقر، والجوع، وتسودها العدالة الاجتماعية.
وتطبيقا لرؤية المملكة 2030، بإلهام الشباب رياضيا، دفعت وزارة الرياضة نحو توطين محتوى الرياضة المحلية بأسلوب عالمي، بإطلاق بطولات محلية ذات طابع احترافي يحاكي أفضل الأساليب والتجارب العالمية، إضافة إلى استقطاب الكفاءات الرياضية المتنوعة بمختلف مكوناتها من الألعاب الجماعية والفردية، وكذلك استخلاص نسخ البطولات الرياضية الدولية، لإثراء احتكاك اللاعب المحلي، وإعداد أبطال يرتقون منصات التتويج والكؤوس والميداليات الذهبية.
وتعزز رؤية المملكة 2030 قدرات وإمكانات فرق النخبة ورياضييها، بما يحقق إنجازات رياضية متميزة، وذلك ضمن مبادرة استضافة البطولات الرياضية، إذ تسهم المسابقات في إيجاد نمط حياة مفعم بالحيوية، تتوافر فيه تجربة فريدة على مستوى الفرق والجماهير، وما يترتب عليها من تحقيق مستوى متقدم من جودة الحياة.
وتلعب الرياضة دورا مهما في توطين ثقافة الاحتراف المحلي، من خلال استقطاب المشاهدين، وما يترتب عليه من حجوزات فندقية، إضافة إلى توفير عدد من الوظائف للشباب السعوديين، في مختلف المجالات مثل، التنظيم، والصيانة، والأمن والحماية، وبناء المنشآت بالمواد المحلية الخام، وزيادة عدد الرحلات الجوية على الخطوط الوطنية.
كما تبذل المملكة الجهود، لتحويل الرياضة من هواية فردية إلى ثقافة مجتمعية، بتكافؤ الفرص بين الجنسين، ونقل التجارب العالمية الناجحة وتعميمها محليا، للتشجيع على ممارسة الرياضة، بما يحقق مجتمعا متكاملا رياضيا وصحيا، إضافة إلى ترسيخ الرياضة كقيمة اجتماعية، بالدعم المفتوح والشامل للأنشطة كافة، لتنمية القدرات الجسدية والنفسية والعاطفية والأخلاقية، لجميع الموجودين على أراضيها.
ولا تقتصر الفعاليات الرياضية في المملكة على رياضة كرة القدم، حيث تزخر السعودية بعديد من الفعاليات الرياضية الأخرى، كالنزالات الختامية للملاكمة، ورالي داكار، وسباقات السيارات السريعة الصديقة للبيئة، وفورمولا 1 في الواجهة البحرية لمدينة جدة، فيما نظمت بطولات محلية وإقليمية على صعيد المنافسات الجماعية مثل كرة القدم، والسلة، والطائرة، واليد، والمصارعة الحرة، والألعاب البارالمبية
وتسعى المملكة بمثل هذه الفعاليات إلى تركيز الإنفاق على العناصر المحلية، وزيادتها في أي مجال وأي قطاع، بتمكين الأيادي العاملة السعودية، لزيادة السلع والخدمات، بأحدث الممارسات التقنية المتطورة.
كما أسهم صندوق الاستثمارات العامة في توجيه استثماراته نحو توطين المحتوى المحلي، من خلال عقد الصفقات مع كبرى الشركات العالمية، في المجالات الصناعية، والتكنولوجية، وإنترنت الأشياء، والترفيه، والسياحة، والرياضة لتعود بالنفع على المجتمع المحلي برفع مستوى المعيشة وجودة الحياة بزيادة مستوى الدخل.
إلى ذلك، شهدت المملكة تحولا رياضيا شاملا باستضافة وتنظيم البطولات والفعاليات منذ أواخر 2017 وحتى الإعلان عن ترشحها لاستضافة دورة الألعاب الآسيوية 2030، ومن أبرز الأحداث العالمية الرياضية، بطولة كأس الملك سلمان للشطرنج 2017 في الرياض، إضافة إلى سباق الأبطال 2018، ومارثون الرياض الدولي 2018، ونهائي كأس محمد علي للملاكمة 2018 في جدة.
واستمرت مسيرة الفعاليات الرياضية المتنوعة باستضافة عروض رويال رامبل 2018 في جدة، وبطولة سوبر كلاسيكو 2018 في الرياض وجدة، إضافة إلى كأس السوبر الإيطالي 2018 في جدة، و2019 في الرياض، ومواجهة سوبر كلاسيكو 2019 في الرياض، وكأس العالم للأندية لكرة اليد "سوبر جلوب" 2019 في الدمام، وعرض كراون جول 2019 في الرياض، والمهرجان العالمي لرياضات المغامرة 2018 في جدة و2019 في الأحساء، وكذلك بطولة نيوم لكرة القدم الشاطئية 2019 في نيوم.
وتواصلت البطولات والفعاليات حيث أقيمت البطولة الدولية لركوب الأمواج 2019، والبطولة الدولية للصيد 2019، وبطولة القفز المظلي 2019 في جدة، والجولة الأولى الافتتاحية لبطولة العالم لفورمولا 1 للزوارق السريعة 2019 في الدمام، وكأس السوبر الإسباني 2020 في جدة، والبطولة السعودية الدولية لمحترفي الجولف - إحدى الجولات الأوروبية لمحترفي الجولف- 2020 في جدة، والبطولة السعودية الدولية للجولف للسيدات -إحدى الجولات الأوروبية لجولف السيدات - 2020 في جدة، ورالي داكار 2020، كما تشهد العلا انطلاق مسابقة طواف المملكة، فيما شهد موسم الدرعية فعاليات كأس السوبر الإسباني.
كما استضافت السعودية بطولة للتنس، إضافة إلى عدد من الرياضات التراثية القديمة كسباق كأس السعودية للخيل الأرقى في العالم، وكذلك أقامت موسما سنويا يحمل اسم الملك عبدالعزيز للهجن والصقور، بمجمل جوائز كبيرة، تتخلله سباقات ومنافسات ومزادات للبيع، وسباقات السيارات الاستعراضية للمغامرين من حول العالم، فيما تشهد المملكة اليوم رواجا للرياضات الجوية بمختلف أنواعها، أما رياضات المغامرات كالتسلق، وصعود الجبال، والرياضات البحرية، هي السمة الأبرز لزائري المملكة اليوم.

الأكثر قراءة