إنهاء الموسم المزعج الدائم في بريطانيا «1 من 2»

إنه موسم المؤتمرات السنوية التي تقيمها الأحزاب السياسية في المملكة المتحدة. رغم أن قسما كبيرا من الاهتمام سيكون منصبا على حزب المحافظين الحاكم، فإن كثيرين سيراقبون أيضا من كثب أداء حزب العمال، الآن وقد أصبح متقدما بشكل كبير في استطلاعات الرأي.
خلال الأسابيع التي سبقت مؤتمر حزب المحافظين، يبدو أن رئيس الوزراء ريشي سوناك غير استراتيجيته الشخصية. فبدلا من تقديم نفسه بوصفه رجل مهام كفؤا وآمنا وغير طموح، نجده يقدم استعراضا لوعود جريئة بالتصدي لأكبر التحديات التي تواجه المملكة المتحدة. ولكن أهو جاد حقا، أو أن هذا مجرد مسرح سياسي موقوت للانتخابات؟
في نهاية المطاف، يتولى سوناك رئاسة حزب عامر بالفصائل ـ عدد كبير من هذه الفصائل ملتزم أيديولوجيا وجميعها تحمل ندوب الاقتتال الداخلي الذي دام طوال الأعوام الـ13 الأخيرة. علاوة على ذلك، انتخب أعضاء البرلمان الحاليين في 2019 من قبل خليط غريب من دوائر المحافظين الانتخابية التقليدية وناخبين جدد من أنصار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذين أدلوا بأصواتهم في السابق لمصلحة حزب العمال. وكل من المجموعتين تفضل الإنفاق الحكومي عندما يكون موجها نحوها، شريطة أن تظل فواتير الضرائب المستحقة عليها منخفضة.
وعلى هذا، فأثناء فترة التحضير لمؤتمر هذا العام، سارع بعض المحافظين مرة أخرى إلى الدفع بحلم خفض الضرائب، شاجبين الأعباء الضريبية التي تتحملها أسر عديدة، وملقين اللوم عن هذه المشكلة المفترضة على الأداء الاقتصادي الضعيف الذي قدمته المملكة المتحدة في الأعوام الأخيرة. حتى إن مايكل جوف، عضو مجلس الوزراء، خرج علينا قائلا إنه في حين يفضل شخصيا خفض الضرائب على الدخل قبل الانتخابات التالية، فإن سوناك ووزير الخزانة استبعدا ذلك.
في الواقع، على الرغم من ارتفاع العبء الضريبي في المملكة المتحدة بعض الشيء في الأعوام الأخيرة، فإنه يظل أقل بشكل ملحوظ مما هو عليه في دول أخرى متقدمة. وفقا لهيئة المراقبة المالية في المملكة المتحدة، أو مكتب مسؤولية الميزانية، كانت نسبة الضرائب إلى الناتج المحلي الإجمالي في المملكة المتحدة في 2021 "3 في المائة" أقل بنسبة 2.2 في المائة من المتوسط في الدول المتقدمة، وأقل بنحو 3.3 في المائة من المتوسط في مجموعة الدول السبع، وأقل بنسبة هائلة تبلغ 6.4 في المائة عن المتوسط في 14 دولة أوروبية أخرى نظيرة، وكثير منها تتمتع بمستويات معيشة أعلى كثيرا. وبين الدول الأكثر ثراء من المملكة المتحدة قياسا على نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي "تحتل بريطانيا المرتبة الـ22 على مستوى العالم"، يزيد عدد التي تتحمل عبئا ضريبيا أعلى، مقارنة بالمملكة المتحدة، على تلك التي تتحمل عبئا ضريبيا أقل.
لكن ليست البيانات وحدها التي تفشل في دعم الحجج التي تساق لإثبات أن الضرائب هي العائق الرئيس الذي يحول دون تحقيق النمو في المملكة المتحدة، فقد أظهرت استطلاعات الرأي في الأعوام الأخيرة أن الناخبين البريطانيين يفضلون في عموم الأمر فرض ضرائب أعلى من أجل دعم زيادة الإنفاق، "وإن كان كثيرون منهم يفضلون بوضوح أن يتحمل العبء الإضافي شخص غيرهم".. يتبع.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2023.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي