نظام صحي بنموذج وقائي «1 من 2»
يرتكز نموذج التأمين الصحي الوطني الجديد، الذي أعلنه وزير الصحة، على الوقاية من الأمراض بدلا من النموذج القديم القائم على تمويل العلاج بشكل مكثف. يهدف هذا النموذج إلى زيادة متوسط العمر المتوقع، نتيجة تحسن مستويات الصحة العامة والوقاية من الأمراض.
التأمين الصحي الوطني الجديد ممول من الدولة وغير محدد السقف في تكاليف العلاج، كما لا يتطلب موافقات مسبقة للحصول على الخدمة الطبية. وهو بذلك يمثل نظام تأمين صحي جديدا يغطي المواطنين بنسبة 100 في المائة، لكن ما الانعكاسات الاقتصادية لهذا النموذج؟ وما المبادرات الوطنية المساندة لنجاحه؟
أولا، يعد هذا النموذج نظريا من أفضل نماذج الرعاية الصحية الوطنية في العالم، لتبنيه مفهوم الوقاية التي تبدأ منذ الطفولة، فالنموذج يشمل الكشف المبكر عن الأمراض ومنع تفاقمها، والتدخل المبكر، والوقاية المبكرة التي تقدم في الخطوط الأولى للرعاية الصحية الأولية، ويتطلب هذا النموذج منظومة رعاية صحية أولية متقدمة من حيث الاستعداد الطبي والكفاءات البشرية والتجهيزات، إضافة إلى أهمية وجود نظام معلومات صحية متكامل ومتطور لقياس سرعة وصول المريض للطبيب المناسب وفق أسس التشخيص الصحيحة، أي بدءا من الرعاية الأولية حتى المستشفيات والمراكز الأكبر، دون أخطاء. ويقدم هذا النموذج فرصة استثمارية للقطاع الخاص للقيام بهذا الدور، ولا سيما من خلال الاستثمار في المختبرات والمعامل والأشعة المتخصصة، ولاستبقاء أفضل الأطباء علينا توظيف إمكانات نظام البيانات الصحية في دقة التشخيص الأولية والحد من فشل التوجيه.
ثانيا، ستشهد شركات التأمين ازدهارا، وفق تصريحات وزير الصحة، حيث سينمو قطاع التأمين بمعدل خمسة أضعاف. ومن أبرز الانعكاسات الاقتصادية لذلك، زيادة مساهمة قطاع التأمين في الناتج المحلي. حيث من المتوقع أن يتخطى عمق التأمين 6 في المائة من الناتج المحلي على الأقل، وهذا يمثل نموا مرتفعا وجاذبا للمستثمرين في قطاعي التأمين والصحة، ولا سيما أنه سجل عمق التأمين 2022 نسبة 2.9 في المائة إلى الناتج المحلي غير النفطي ومعدل الزيادة المتوقعة في الناتج المحلي من القطاع الصحي 63 مليار سنويا حتى 2030.
ثالثا، لمساندة نجاح النموذج الصحي الوطني الجديد وخفض تكاليف الرعاية الصحية العامة، تتعين معالجة أسباب بعض زيادة الأمراض، مثل قلة الوعي الصحي حول الأغذية وأنماط المعيشة. ويمكن ذلك من خلال إدارة المنتجات الغذائية، والتوعية بالمنتجات غير الصحية، والرقابة على المدخلات الصناعية في التصنيع الغذائي، وتوصيف المنتجات بشكل صحيح.
وأقترح في هذا الصدد وضع ملصق يوضح مدى صحية المنتج، على غرار ملصق كفاءة الطاقة، رغم أن جميع الأغذية في السعودية آمنة، إلا أن مثل هذا الملصق سيساعد المستهلكين على اختيار الخيارات الأكثر صحية، وتكثيف الوعي بقواعد وأسس الصحة وأنماط العيش الصحي. ويمكن لهيئة الغذاء والدواء، وهيئة الصحة العامة، ووزارة التجارة، القيام بهذا الدور من خلال مركز متخصص على غرار المركز السعودي لكفاءة الطاقة... يتبع.