النمو الاقتصادي في عصر البيانات الضخمة

البيانات الضخمة Big Data تشير في أبسط مفهوم، إلى أنها حجم البيانات التي تتولد من مصادر متعددة كسلوك الناس، ووسائل التواصل الاجتماعي، أو الأجهزة الذكية، أو الشركات، أو الحكومات، أو المستشفيات، أو أنظمة البيانات المختلفة كدمج الإحصائيات ذات المتغيرات المعقدة. وللبيانات الضحمة مراحل كالتقاط وجمع البيانات وتخزينها وتحليلها، إضافة إلى مراحل أخرى على مستوى المخرجات مثل المشاركة والنقل لها وبناء التصور وعمليات التحديث والمشاركة.
استخدامات البيانات الضخمة لا حصر لها، لكن ما يهمنا اليوم كيف يمكن للحكومات الاستفادة منها في صناعة سياسات اقتصادية وسياسات للعمل والتوظيف والإنتاج وغيرها من القضايا التي تدور حول الاقتصاد الكلي أو ابتكار خدمات أو منتجات، بما في ذلك معالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية شديدة التعقيد واكتشاف الأخطار وتحليل الفرص أو البحث عن البدائل.
تمتلك البيانات الضخمة مميزات هائلة في تحسين تجربة العملاء في المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية، فضلا عن القطاع الخاص الذي يعد مكونا أساسيا في معادلة الناتج المحلي المشهور GDP = C + G + I + NX بمعنى آخر إذا ما تم توظيف البيانات الكبيرة على سلوك وبيانات المستهلكين الملتقطة من المؤسسات المختلفة العامة أو الخاصة فستكون لدينا فرص لبناء سياسات تحفيزية أو احتوائية في الظروف الصعبة، كما يمكننا التحكم في الحركة النقدية للقطاع العائلي نحو الادخار والإنفاق أو الاستثمار، بحسب الواقع الاقتصادي المستهدف.
أما إذا ما نظرنا إلى ذلك لكن من خلال الحكومات، أي سياسات الإنفاق أو تحسين قنوات الإنفاق أو برامج اقتصادية أو تجارية أو صناعية لغايات النمو الاقتصادي أو تطوير بعض القطاعات البينية، فموضوع البيانات الضخمة ثري وحاسم في تحفيز النمو والازدهار إذا ما تم توظيف البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي بطريقة مزدوجة.
دعونا الآن ننتقل إلى القطاع الاستثماري وكيف تنعكس البيانات الضخمة عليه، حيث يمكننا اكتشاف الاتجاهات والأفكار الجديدة وتحديد الفرص للجميع في الأسواق الناشئة. والمملكة في هذا الجانب تمتلك مقومات كبيرة، كما أن البيانات الضخمة في الاستثمار من الشركات تمثل عنصرا جوهريا في تقدير التوقعات وتحقيق الاستدامة وتحسين الكفاءة في استخدام الموارد، ولأهمية ذلك يمكن للمستثمرين تحقيق التفوق التنافسي وهو ما يحرك النمو الاقتصادي المستدام، حتى في ظل تغير سياسات الدعم الحكومية التقليدية في الدول الغنية، أما الدول الفقيرة فالموضوع له تصور آخر مختلف.
أخيرا، استغلال البيانات الضخمة في تحقيق نمو اقتصادي يمكن اكتشافه من ثلاثة محاور، أولا، التجارة الخارجية والحساب الجاري للاقتصاد. ثانيا، زيادة معدل النمو المركب للقطاعات. ثالثا، زيادة متوسط الدخل الحقيقي للقطاع العائلي في صور رواتب أو عوائد استثمارية أو مدخرات، وتأتي الإيرادات الحكومية في المرحلة الأخيرة من حيث تحقيق نمو اقتصادي في أنشطتها الحكومية وتمتين مواضيع الاستدامة المالية للحكومة. أعتقد أننا أمام فرص نمو لا محدود، للنمو من خلال البيانات الضخمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي