بايدن وشي يقطفان الثمار الدانية «2 من 2»
كان إعلان الرئيس شي استعداد الصين لاستئناف التعاون مع الولايات المتحدة في مجال الحفاظ على الباندا مفاجأة سارة، فبعد رحيل ثلاثة من حيوانات الباندا أخيرا من واشطن العاصمة، من الواضح أن هذا الإعلان ضرب على وتر عاطفي لدى عدد كبير من محبي الحيوانات بين الأمريكيين، وأنا منهم.
في كتابي الأخير "صراع المصادفة"، ركزت على أهمية إيجاد أرضية مشتركة نستطيع إعادة بناء الثقة عليها. كنا نفتقر بشدة إلى أجندة مشتركة في هذا العصر الذي يتسم بتصاعد الصراع الصيني - الأمريكي. رغم عدم وجود وصفة بسيطة لتبديد الشكوك المتبادلة، خاصة بعد العداوة التي دامت طوال الأعوام الخمسة ونصف العام الأخير، فإن قطف الثمار الدانية في سان فرانسيسكو يمثل خطوات صغيرة مهمة على الطرق إلى حل الصراع.
أتمنى لو كان بوسعي أن أقول الكلام ذاته عن بابين آخرين من أبواب حل الصراع التي تناولتها في تعليقي السابق: التهديدات الوجودية "تغير المناخ والصحة العالمية" التي تواجهها الدول والتحسينات التي أدخلت على بنية المشاركة. كان الاستثناء الوحيد الملحوظ ما يسمى اتفاق سونيلاندز، الذي أبرم عشية قمة سان فرانسيسكو، الذي يعد بتأسيس فريق عمل جديد يسعى إلى دفع عجلة التعاون المناخي قبيل مؤتمر الأمم المتحدة المقبل المعني بتغير المناخ "مؤتمر الأطراف 28 في دبي. على النقيض من هذا، لم نشهد أي تقدم ملموس في إدارة الذكاء الاصطناعي، باستثناء الاتفاق على الحاجة إلى إجراء محادثات ثنائية للحد من الأخطار التي تفرضها أنظمة الذكاء الاصطناعي. كما لم يحدث أي تقدم في مجال الأمن السيبراني، أو حقوق الإنسان، أو الاحتكاكات الإقليمية، وجميعها قضايا لها تاريخ طويل من المحادثات بين القوتين العظميين.
فيما يتصل ببنية المشاركة، كان كل شيء يدور حول الدبلوماسية وأقل القليل كان مرتبطا بالتحول إلى نموذج مؤسسي لتعميق وإدامة الروابط المشتركة والعلاقات. مع تولي الدبلوماسيين على الجانبين قيادة الاجتماع، لم تكن هذه نتيجة مفاجئة. لكن في ضوء قمة العام الماضي الفاشلة في بالي، يصيبني هذا بالحيرة. فرغم أنني أنسب إلى الدبلوماسية الماهرة الفضل في إشعال شرارة التحول نحو العودة إلى المشاركة، والتعاون، وبناء الثقة، فإن هذه المهارات لا تضمن إقامة علاقة صامدة قادرة على تحمل اضطرابات غير متوقعة. في عامنا هذا، كان بالون المراقبة الصيني.. فمن يدري ماذا قد يأتي لاحقا؟
في هذا العصر الذي يديره زعماء غير مخضرمين ومقيدون سياسيا، ما زلت أعتقد أن حل النزعات بين القوتين العظميين يتطلب أكثر من مجرد دبلوماسية شخصية. وتظل الحجة مقنعة لمصلحة الطابع المؤسسي كمكمل لحل الصراع الدبلوماسي. ورغم أنها لم تحقق النجاح المنتظر في سان فرانسيسكو، فإن الأمانة العامة الصينية - الأمريكية تظل خياري المفضل لتعزيز الأدوات اللازمة لنزع فتيل الصراعات وإصلاح العلاقات الثنائية.
صحيح أن قمة سان فرانسيسكو تجاوزت المستوى المتواضع الذي تحقق في بالي. لكن تظل تساؤلات عميقة بشأن ملامح الصراع الصيني ـ الأمريكي قائمة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضايا الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية التي حفزت هذا الصراع. الواقع أن هذه القضايا نالت قدرا ضئيلا إلى حد مدهش من الاهتمام في بيانات وتصريحات القمة التي دامت أربع ساعات. في نهاية المطاف، كان من الأسهل كثيرا على بايدن وشي قطف الثمار الدانية.
خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2023.