الشركات العائلية .. تحديات التمويل وضرورة الاحتراف «2 من 2»
الشركات الناجحة تقوم على مرتكزين أساسيين، أولا: مجلس إدارة يمتلك التوجيه الفعال. ثانيا: رئيس تنفيذي جاد في تحقيق توجيهات مجلس الإدارة، وفي حالات معاكسة مجلس الإدارة هو من يدعم توجهات الرئيس التنفيذي في مبادراته التي يقدمها للمجلس، وفي جميع الحالات الرئيس التنفيذي يمثل حجر الزاوية، فاللياقة التنفيذية -إن صح التعبير- هو من يحول طموحات المستثمرين ومجلس الإدارة إلى نجاحات.
سياسات المملكة الاقتصادية تسعى إلى بناء مستقبل اقتصادي أكثر استدامة وشمولية من خلال تسريع القدرات البشرية والنمو بطريقة مزدوجة من خلال التأثير المباشر على تحسين بيئة الأعمال وتطوير البيانات الخاصة بالاقتصاد ورأس المال البشري في سوق العمل، أي أن السعي المتزامن بين قدرات المملكة المالية وبين القطاع الخاص العائلي يتطلب مقايضات رفيعة المستوى من حيث التحفيز على تعيين الرؤساء التنفيذيين المحترفين وكذلك تقديم الامتيازات للشركات العائلية الناجحة للانخراط في التحول لشركات مغلقة أو الإدراج من خلال سوقي الأسهم الرئيس "تاسي" أو الموازي "نمو"، فالتقدم الذي أحرزناه نحو زيادة عدد الشركات المساهمة واحد من الغايات العليا في حماية الشركات العائلية الناجحة، وبالتالي نسهم في نشر ثقافة الإدارة التنفيذية الجيدة ومجلس الإدارة المسؤول، نحن في المسار الصحيح رغم التحديات الهيكلية اقتصاديا، أي أن سياسات صناع السياسات الاقتصادية مستمرة في مكافحة التحديات التي تعيق التقدم ومن أبرزها، غياب الوعي الاقتصادي والمالي في التعاطي مع الدورات الاقتصادية بدليل انكشاف شركات صغيرة ومتوسطة عائلية على تكاليف لم تستطع تغطيتها ولم تستطع الحصول على تمويل من البنوك أو المؤسسات المالية بعد أكبر رفع لأسعار الفائدة منذ عقود لتصل بعض الشركات إلى الإفلاس والتصفية، في حين أن الشركات التي لديها مجلس إدارة ويقودها رؤساء تنفيذيون محترفون استمرت في البقاء والنمو والحصول على قروض من المصارف والمؤسسات المالية، لأن الرؤساء التنفيذيين لديهم شبكات في الحفاظ على علاقات مميزة مع البنوك والمؤسسات المالية وشركات التأمين ومديري الأصول وشركات المدفوعات كما أنهم يعملون مع فرق تنفيذية محترفة على مستوى الاستراتيجية والمالية والتشغيل، وفي المقابل الشركات العائلية التي لا تطبق أسس الاحتراف التجاري من حيث اختيار الكفاءات من خارج العائلة والتنظيم والحوكمة والاستقلالية، نراها تعاني بصمت وقد تخرج من الأسواق بصمت.
أخيرا، القرارات الاستثمارية وتشغيل الاستراتيجيات والتنظيم المالي والأداء داخل الأسواق والنمو في الأوقات العصيبة أو في فترات التحول الاقتصادي يتطلب وجود مجلس إدارة يدافع عن استثماراته وإدارة تنفيذية محترفة والعمل بينهم وثيق مع ضمان أقصى درجات التأثير، في حين أن المشاعر لدى الشركات العائلية متضاربة وانطباعية وهشة وتختفي إذا ابتعدت عن عين الحكومات الرعوية التي تغذيها بالمشاريع، وتظل مصدر قلق وعبء على صناع القرار في الأوقات العصيبة، وقد يطبق بحقها التجاهل المحمود -إن صح التعبير- لتخرج وتدخل شركات أفضل.