تحدي التضخم في 2024 «1 من 2»

مع اقتراب 2023 من نهايته، نواجه عددا كبيرا من المجهولات المعروفة ـ خاصة على الجبهة الجيوسياسية ـ فضلا عن عدد مساو من المجهولات المجهولة تتربص بنا في الأفق، كما يبدو. وعلى هذا فقد أصبح إنتاج أي توقعات للاقتصاد العالمي أكثر صعوبة من المعتاد. ويبدو أن بيوت الاستثمار تتوقع مزيدا من التباطؤ في 2024، في حين تمكنت الحيرة والذهول من كثيرين إزاء حقيقة مفادها أننا لم نشهد ركودا كبيرا حتى الآن.
وتفرض توقعات التضخم تحديا أكبر. فقد أظهرت الأعوام القليلة الأخيرة أن التضخم من الممكن أن يتأثر بشدة ـ على الأقل على مستوى التضخم الرئيس ـ بسبب عدم اليقين والمجهولات المجهولة التي تفصح عن نفسها الآن. ولا تزال المناقشة محتدمة حول توقعات التضخم، حيث أعرب بعض رجال الأعمال المحترمين المخضرمين عن شكوكهم في قدرة البنوك المركزية على السيطرة على المشكلة. تقدم أحدث بيانات أسعار المستهلك في منطقة اليورو، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، بعض الأخبار المشجعة حول اتجاهات التضخم الرئيسة، لكن التضخم الأساس الذي يستثني أسعار الطاقة والغذاء المتقلبة يظل أعلى من المستويات التي تستهدفها البنوك المركزية بدرجة مزعجة.
بطبيعة الحال، لا يبدو أن الصين، صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تعاني هذه المشكلة. بل على العكس من ذلك، تظهر أحدث بيانات أسعار المستهلك أنها تشهد انكماشا، مع انخفاض مؤشر أسعار المستهلك الأساسي بنسبة 0.5 في المائة على أساس سنوي في نوفمبر. ذات يوم، ظن كثير من المحللين أن الصين تنقل الضغوط الانكماشية إلى بقية العالم، من خلال صادراتها الصناعية منخفضة التكلفة وزيادة حصتها في الأسواق الخارجية في المقام الأول. لو كنا لا نزال في تلك الحقبة، لربما تضاءلت بعض المخاوف التضخمية الحالية. ولكن يبدو أن تلك الأيام قد ولت.
يفرض حجم التحديات الاقتصادية التي تواجهها الصين محليا ـ بما في ذلك الانكماش ـ سؤالا بالغ الأهمية ويستحق تعليقا خاصا. فنظرا إلى القضايا التي تواجه سوق العقارات في الصين، وبالحكم من خلال تجارب مماثلة في دول أخرى، بوسعنا أن نفترض أن الصعوبات التي تواجهها سيطول أمدها. لكن وجهة نظر أقل تشاؤما تفترض أن صناع السياسات في الصين يدركون هذه القضايا تمام الإدراك، ويرجع هذا تحديدا إلى تلك الحالات السابقة، فضلا عن التحذيرات التي دأب كثيرون من المعلقين على إطلاقها فترة طويلة.
إضافة إلى العوامل المحلية الصينية، يتعين على المرء أن يضع في الحسبان أيضا اتجاهات أسعار السلع الأساسية العالمية، التي سيظل الطلب الصيني يشكل تأثيرا كبيرا فيها. هنا، كانت الأخبار قرب نهاية 2023 أكثر تشجيعا من توقعات كثيرين من المراقبين، وهي تشير إلى أن التضخم الرئيس في كثير من الدول قد يسجل مزيدا من الانخفاض في الأشهر المقبلة.. يتبع.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي