توضيح الجدال الدائر حول التفاوت الأمريكي «1 من 2»

قفزت المناقشات حول اتجاهات التفاوت في الولايات المتحدة من صفحات المجلات الأكاديمية إلى منافذ إعلامية رائدة. في حين يتساءل المحافظون منذ فترة طويلة ما إذا كانت فجوة التفاوت في الولايات المتحدة اتسعت حقا، فقد أسهمت مجلة "الإيكونيميست" أخيرا في الحوار، فخلصت إلى أن "فكرة اتساع فجوة التفاوت بعيدة كل البعد عن كونها حقيقة واضحة بذاتها". من المؤسف أن هذا الجدال تسبب في التشويش على عدة قضايا بطريقة غير مفيدة.
الواقع أن التصورات حول التفاوت عديدة، وكل منها يتعلق بسؤال مختلف ويزداد تعقيدا بسبب تحديات القياس الفريدة المرتبطة به. يتمثل المقياس الأكثر وضوحا ومباشرة هنا في التفاوت في دخل العمل، الذي يشير إلى ما يحصل عليه أصحاب الدخل المرتفع مقارنة بأصحاب الدخل المنخفض. عندما نتحدث عن أداء العاملين الحاصلين على شهادات جامعية مقارنة بأولئك الذين يحملون شهادة الدراسة الثانوية فقط، فإننا نتحدث أيضا عن التفاوت في دخل العمل.
لا شك أن قياس دخل العمل ليس بالمسألة البسيطة، لأن بعض الدخل المكتسب لا يبلغ عنه، كما يستعين بعض الأفراد الذين يتقاضون أجورا شديدة الارتفاع باستراتيجيات تجعل دخلهم من العمل يبدو كأنه دخل رأسمالي "الذي يخضع لشريحة ضريبية أقل". علاوة على ذلك، عندما يتعلق الأمر بتحديد ما إذا كانت الأجور الحقيقية "المعدلة حسب التضخم" ازدادت، تدور مناقشة محتدمة حول ما إذا كان مؤشر أسعار المستهلك يبالغ في تقدير التضخم الحقيقي. لكن حتى بعد وضع هذه المسائل في الحسبان، يتبين لنا دون أدنى شك أن التفاوت في دخل العمل قد ارتفع على الأقل منذ 1980، وأن هذا الاتجاه استمر منذ الركود العظيم بعد 2008.
يتناقض هذا الاتجاه بشكل صارخ مع فترة ما بعد الحرب، عندما كان التفاوت في دخل العمل مستقرا أو في انحدار. خلال الفترة من خمسينيات إلى أوائل سبعينيات القرن الـ20، كان العمال الحاصلون على شهادة الدراسة الثانوية أو أقل يتمتعون بنمو حقيقي في الأجور بالمعدل ذاته لنمو أجور أولئك الذين يحملون شهادة جامعية أو أكثر. لكن هذا النمط من الرخاء المشترك انتهى في وقت ما في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات. في حين استمرت الأجور الحقيقية التي يحصل عليها العاملون من حاملي الشهادات الجامعية في الارتفاع بشكل مطرد، فإن العمال الذين لا يحملون شهادات جامعية يكسبون اليوم أقل من كسبهم في 1980.
على النقيض مما تقترحه "الإيكونيميست"، فإن هذا النمط العام لا يداخله شك. ففي حين تظهر دراسة حديثة أجراها ديفيد أوتور، وأرين دوبي، وآني ماكجرو أن الأجور في القسم الأدنى من التوزيع بدأت تزداد أخيرا في 2015 تقريبا ـ الأمر الذي أدى إلى تقلص الفجوة بين الأعلى والأدنى بشكل ملحوظ بعد 2020 ـ فلا يزال أولئك عند القاع يكسبون أقل كثيرا، نسبة إلى الأعلى، مقارنة بما كانوا يكسبون في 1980.
يستند تعريف ثان للتفاوت إلى الدخل الإجمالي "قبل الضريبة والتحويل"، الذي لا يشمل دخل العمل فحسب، بل أيضا الدخل من أرباح الأسهم، ومكاسب رأس المال، وأرباح الأعمال المسجلة في الإقرارات الضريبية. المشكلة في هذا المقياس هي أن دخل الأعمال لا يبلغ عنه دائما، ولا تظهر أشكال أخرى من دخل رأس المال في السجلات الضريبية إلا عندما تتحقق مكاسب رأسمالية "كأن يبيع شخص ما بعض الأسهم بمبلغ أكبر من الذي دفعه مقابلها".
مع ذلك، هناك اتفاق عريض حول ما حدث "للتفاوت المرصود في إجمالي الدخل" أو "التفاوت في الدخل المالي"، الذي يعبر ببساطة عن الدخول الإجمالية في الإقرارات الضريبية. وهنا، ارتفعت حصة شريحة الـ1 في المائة الأعلى من نحو 8 في المائة قبل 1980 مباشرة إلى ما يقرب من 18 في المائة بحلول 2019، وعندما نضم مكاسب رأس المال، ترتفع النسبة إلى أكثر من 21 في المائة.. يتبع.
خاص بـ«الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2024.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي