العلاقة التكاملية بين البحث العلمي والفكر الابتكاري
التعليم بشكل عام يعد القاعدة الأساسية لترسيخ دعائم البحث والتطوير والابتكار وذلك لدفع مسيرة التنمية سواء كانت الاقتصادية أو الاجتماعية أو الدفاعية والأمنية وغيرها من المجالات في مختلف المجتمعات سواء المتقدمة منها أو النامية، والجامعات بتعدد مستوياتها وتخصصاتها تسهم في عملية التنمية المستدامة من خلال تفعيل منظوماتها البحثية والتطويرية الابتكارية، والبحث العلمي والفكر الابتكاري هما وجهان لعملة واحدة يكمل كل منهما الآخر لتحقيق تقدم حقيقي في مختلف تلك المجالات، فالبحث العلمي هو عملية منهجية لجمع وتحليل المعلومات بشتى أنواعها، بهدف اكتشاف معرفة جديدة أو تحسين وتطوير لمعرفة موجودة، بينما الفكر الابتكاري هو القدرة على توليد أفكار جديدة وفعالة وقابلة للتنفيذ على أرض الواقع، وفي هذا المقال سأتطرق للعلاقة التكاملية بين البحث العلمي والفكر الابتكاري والدور الذي يتمخض عن هذه العلاقة وكيفية مساهمة ذلك في تفعيل عجلة التقدم والتطوير والازدهار.
تتمثل العلاقة التكاملية بين البحث العلمي والفكر الابتكاري في أنهما يعتمدان على بعضهما بعضا ويكمل كل منهما الآخر لتحقيق أهدافهما ولتحقيق تقدم حقيقي وملموس في كثير من المجالات المختلفة، فالبحث العلمي يوفر الأساس للمعرفة الجديدة التي يمكن أن تستخدم في توليد أفكار مبتكرة، بينما يوفر الفكر الابتكاري الدافع لإجراء البحوث العلمية.
لذا يقال إن الفكر الابتكاري هو المحرك للبحث العلمي وخصوصا عند الحاجة إلى إيجاد حلول جادة لمشكلات قائمة أو تطوير لتقنيات جديدة، وهذه العلاقة، يمكن تصورها في ابتكار تقنية تكنولوجيه جديدة لتطبيقات معينة على سبيل المثال، حيث يتطلب ذلك إجراء بحث علمي لفهم تلك التقنية التطبيقية وكيفية البحث في تطويرها كمنتج فعال، فتطوير أي منتج جديد في أي تخصص سواء تقني صناعي أو بيئي أو دفاعي أو أمني أو غير ذلك، يتطلب إجراء عديد من الأبحاث العلمية والدراسات التحليلية والتطبيقية سواء كانت ميدانية أو غيرها.
وتعد هذه العلاقة التكاملية أمرا حيويا ومتبادلا في تعزيز التقدم الاقتصادي والتنموي في المجتمعات، وتتضح أيضا من خلال عدة أمور منها وأولها، عندما يكون هناك توجيه للبحث نحو الابتكار، حيث يسهم البحث العلمي في فهم الظواهر وتطوير المعرفة العلمية ويمكن للفكر الابتكاري استخدام النتائج والاكتشافات العلمية لتطوير حلول جديدة ومبتكرة لتحديات متجددة، وتظهر هذه العلاقة أيضا من خلال تبادل المعارف حيث يتيح البحث العلمي تبادل المعرفة بين الأكاديميين والباحثين والعلماء، خصوصا المخضرمين من ذوي الخبرة العلمية والأكاديمية البحثية والتطويرية، بحيث يستفيد الفكر الابتكاري من هذه المعارف التي أشبعت بحثا لإيجاد فرص جديدة في التحسين والتطوير والإبداع.
ويأتي دور الفكر الابتكاري في هذه المرحلة تحفيزيا لتحويل الأفكار إلى مشاريع فعالة قابلة للتطبيق، كما يمكن أن يؤدي البحث العلمي إلى تطوير تقنيات وتقنيات جديدة، ويشترك الفكر الابتكاري في ربط وتكامل هذه التقنيات لإنشاء منتجات وخدمات جديدة قابلة للتطبيق بطرق وآليات ابتكارية مختلفة ومتعددة، كما يمكن استغلال النتائج البحثية الجامعية القيمة في تشكيل شراكات بين العلماء الباحثين والأكاديميين والصناعيين، ويسهم الفكر الابتكاري في تطوير تلك الشراكات إلى مشاريع تجارية واقتصادية استثمارية مثمرة، وأرى أن تكامل هذه العلاقة بين البحث العلمي والفكر الابتكاري بشكل استراتيجي، سيعزز التقدم والابتكار في مختلف المجالات، ما يسهم ذلك في تحقيق التحول نحو مستقبل أكثر تطورا وأكثر استدامة وبلا شك ذو مردود استثماري اقتصادي واعد.