"PIF" وتفعيل المحتوى المحلي
نظم صندوق الاستثمارات العامة قبل يومين النسخة الثانية من منتدى الشراكة مع القطاع الخاص، وتعد هذه الفعالية نقطة تفاعل جوهرية في الحراك الاقتصادي المحلي المحرك للرؤية. إذ يهتم القائمون على الصندوق بمشاركة الفرص الاستثمارية وأعمال التوريد النوعية مع القطاع الخاص تحقيقا لمستهدفات الصندوق في تمكين القطاع وتفعيل المحتوى المحلي.
ومن البديهي أن نقول أن الصندوق بقدراته وإمكاناته وما يقع على عاتقه من أعمال استثمارية موجهة ومركزة لتحقيق مستهدفات الرؤية يضع عددا من الأولويات الخاصة بالشراكة مع القطاع الخاص. يقع على قمة هذه الأولويات التواصل الواضح والمستمر بين الصندوق والعاملين في القطاع الخاص من شركات وغيره، وإتاحه الفرص الممكنة للقطاع الخاص وتفعيل استثمارات الصندوق المحلية في الوقت نفسه، والدفع بتطوير القطاعات المستهدفة بشكل مؤثر وعملي. وهذا ما ارتكزت عليه الفعالية بحضورها الذي يتجاوز الـ8000 مشارك وأكثر من 100 شركة تعرض خدماتها، وعدد كبير من كبار المسؤولين والمتحدثين الذين يناقشون أبرز التوجهات على مستوى القطاعات والمشاريع الكبيرة.
ما يميز هذا المنتدى في نظري ليس في كونه بقيادة الصندوق، وليس مجرد اعتباره نافذة على الفرص الجديدة التي تفتحها استثمارات الصندوق المحلية المتنوعة، وإنما في دوره المعتبر في تفعيل أعمال تمكين القطاعات المحلية التي تقودها الجهات المختصة من وزارات وهيئات وغيرها. فالصندوق يعزز هذا الحضور باستثماراته ويعلن بأن الأعمال انطلقت في المنظومة القطاعية التي يركز عليها ويقوم بإظهار كثير من التفاصيل التي تنبيء بمعالجة جوانب ضعف في البنية التحتية وسلسلة الإمدادات ونقاط صنع القيمة في هذه القطاعات. وبالتالي، يعد هذا الحراك أحد مصادر مؤشرات تحفيز الأعمال المحلية، فهو يعكس توجه البوصلة الاستثمارية، ونقاط اهتمام الاستثمارات الوطنية، وأولويات النشاط التجاري المؤهلة للانتعاش والنمو.
يقوم الصندوق بأدوار جوهرية لتمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال عدد من البرامج المتنوعة مثل الاستثمار في رأس المال الجرئ والملكية الخاصة عن طريق "صندوق الصناديق – جدا". وغني عن القول بأن تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة من النواحي التوريدية أمر محوري ومهم، وهذا يعني أن يتسع نطاق التركيز هنا ليشمل بناء القدرات المرتبطة بعملية نقل صغار الموردين من مرحلة إلى أخرى، لأنهم عنصر التغيير الأهم، وهم ما يمكن الصندوق من تحقيق مستهدفاته العليا وخصوصا ما يرتبط بالمحتوى المحلي. نحن نعلم بأن هناك جهود كبيرة تحصل في هذا الجانب إذ تجاوزت نسبة المحتوى المحلي للصندوق في 2023 الـ47 % مقارنة بـ40 % في 2022، علما بأن الهدف هو الوصول إلى نسبة 60 % في 2025 و65 % في 2023.
تعد نظرة الصندوق القطاعية ذات أهمية بالغة في إدارة هذا الحراك الاقتصادي التنموي وتحفيزه، إذ إن احتمالات تطوير القطاعات ترتفع عندما يتم تقييم إمكانات صغار لاعبي القطاع الخاص وتحفيزهم وتركيزهم على ما يستدام لتقديم خدماتهم وأعمالهم بالنوع والكم. وهذا يعني توسيع دائرة الاهتمام لتشمل استهداف المنشآت الأصغر حجما بغرض تأهيلها ودمجها مع كبار الموردين ومع الشركات التابعة للصندوق. وهذا يعني أيضا وجود منصات مشتركة تهدف إلى تناغم المؤسسات الصغيرة ذات النطاق المحدود، سواء كانت منصات سوقية "market place" أو جمعيات وهيئات متخصصة، وهذا يعني دعم التحالفات وتهيئة الأطر القانونية لمزيد من الجهود المشتركة، وهذا يعني أيضا مرونة الشركات التابعة للصندوق نحو صغار الموردين وقدرتها على تخصيص إجراءات الشراء لتصنع مزيد من الموائمة، لا يخفى بأن هناك كثيرا من المبادرات الوطنية المختلفة التي يمكن استثمارها لهذا الغرض. وكل ما سبق يعني مزيد من التفعيل والتوائم مع جهود الصندوق الخاصة بالمحتوى المحلي.